[ والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم ] أي والذين استشهدوا في سبيل الله، فلن يبطل الله عملهم، بل يكثره ويضاعفه وينقيه
[ سيهديهم ] أي سيهديهم إلى ما ينفعهم في الدنيا والآخرة، بتوفيقهم إلى العمل الصالح، وارشادهم إلى الجنة دار الأبرار
[ ويصلح بالهم ] أي ويصلح حالهم وشأنهم
[ ويدخلهم الجنة عرفها لهم ] أي ويدخلهم الجنة دار النعيم بينها لهم، بحيث يعلم كل واحد منزله ويهتدي إليه قال مجاهد : يهتدي أهلها إلى بيولهم ومساكنهم، لا يخطئون كأنهم ساكنوها منذ خلقوا وفي الحديث الشريف (والذي نفسي بيده إن أحدهم بمنزله في الجنة، أهدى منه بمنزله الذي كان في الدنيا)
[ يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ] أي إن تنصروا دينه، ينصركم على أعدائكم
[ ويثبت أقدامكم ] أي ويثبتكم في مواطن الحرب
[ والذين كفروا فتعسا لهم ] أي والذين كفروا بالله وآياته، فهلاكا وشقاء لهم، وهو دعا : عليهم بالتعاسة والخيبة والخذلان
[ وأضل أعمالهم ] أي أبطلها وأحبطها، لأنها كانت في طاعة الشيطان
[ ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله ] أي ذلك التعس والإضلال بسبب إنهم كرهوا ما أنزل الله من الكتب والشرائع قال الزمخشري : أي كرهوا القرآن وما أنزل الله فيه من التكاليف والأحكام، لأنهم قد ألفوا الإهمال واطلاق العنان في الشهوات والملاذ، فشق عليهم ذلك وتعاظمهم
[ فأحبط أعمالهم ] أي أذهبها وأضاعها، لأن الإيمان شرط لقبول الأعمال، والشرك محبط للعمل (( قال في الظلال :" وإحباط الأعمال تعبير تصويري على طريقة القرآن في التصوير، فالحبوط انتفاخ بطون الماشية عند أكلها نوعا من المرعى أو النبات السام، ينتهي بها إلى الهلاك والموت، وكذلك هؤلاء الكفار انتفخت أعمالهم وورمت ثم انتهت إلى الهلاك والضياع، إنها صورة وحركة مطابقة لحال من كرهوا ما أنزل الله، ثم تباهوا بالأعمال الضخام المنتفخة كبطون الأنعام، حين ترعى ذلك النبت السام " )). ثم خوفهم تعالى عاقبة الكفر، فقال سبحانه
[ أفلم يسيروآ في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم ] اي افلم يسافر هؤلاء ؟ ليروا ما حل بمن سبقهم من الأمم الطاغية ؟ كعاد وثمود وقوم لوط وغيرهم من المجرمين، كيف كان مالهم ؟ وماذا حل بهم من العذاب ؟ فإن آثار ديارهم تنبىء عن أخبارهم
[ دمر الله عليهم ] أي أهلكهم الله، واستأصل كل ما يخصهم من مال وبنين ومتاع، فإذا هو أنقاض متراكمة، وإذا هم تحت هذه الأنقاض " ودمر عليهم " أبلغ من دمرهم لأن معناها أهلكهم مع أموالهم ودورهم وأولادهم، وأطبق عليهم الهلاك إطباقا، فلم يبق شيء إلا شمله الدمار
[ وللكافرين أمثالها ] أي ولكفار مكة أمثال تلك العاقبة الوخيمة والعذاب المدمر
[ ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا ] أي وليهم وناصرهم
[ وأن الكافرين لا مولى لهم ] أي لا ناصر لهم ولا معين ولا مغيث، ثم بين تعالى مال كل من الفريقين - المؤمنين والكافرين - في الآخرة فقال
[ إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار ] أي يدخل المؤمنين جنات النعيم، التي فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر
[ والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام ] أي والكافرون في الدنيا، ينتفعون بشهواتها ولذائذها، ولأكلون كما تأكل البهائم، ليس لهم هم إلا بطونهم وفروجهم
[ والنار مثوى لهم ] أي وجهنم مقامهم ومنزلهم في الآخرة قال الزمخشري : المراد أنهم ينتفعون بمتاع الدنيا أياما قلائل، ويأكلون غافلين غير مفكرين في العاقبة، كما تأكل الأنعام في مسارحها ومعالفها، غافلة عما هي بصدده، من النحر والذبح، والنار منزل ومقام لهم في الآخرة. ثم سلى تعالى رسوله (ص) فقال