[ قالوا للذين أوتوا العلم ماذا قال آنفا ] أي قالوا لعلماء الصحابة - كأبن عباس وابن مسعود - ماذا قال محمد قريبا في تلك الساعة ؟ قال ابن كثير : أخبر تعالى عن المنافقين في بلادتهم وقلة فهمهم، حيث كانوا يجلسون إلى رسول الله (ص) ويستمعون كلامه، فلا يفهمون منه شيئا، فإذا خرجوا من عنده، قالوا لأهل العلم من الصحابة : ماذا قال محمد [ آنفا ] أي الساعة، لا يعقلون ما قال، ولا يكترثون به
[ أولئك الذين طبع الله على قلوبهم ] أي ختم على قلوبهم بالكفر
[ واتبعوا أهواءهم ] أي ساروا وراء أهوائهم الباطلة
[ والذين اهتدوا زادهم هدى وأتاهم تقواهم ] أي وأما المؤمنون المتقون، فقد زادهم الله هدى، وألهمهم رشدهم قال الإمام الفخر : لما بين تعالى أن المنافق يستمع ولا ينتفع، ويستعيد ولا يستفيد، بين أن حال المؤمن المهتدي بخلافه، فإنه يستمع فيفهم، ويعمل بما يعلم، وفيه فائدة وهو قطع عذر المنافق، فإنه لو قال ما فهمت كلامه لغموضه، يرد عليه بأن المؤمن فهم واستنبط، فذلك لعماء القلوب، لا لخفاء المطلوب
[ فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة ] أي فهل ينتظرون إلا قيام الساعة فجأة، فتبغتهم وهم سادرون غارون غافلون ؟
[ فقد جاء أشراطها ] أي فقد جاءت أماراتها وعلاماتها، ومنها بعثة خاتم الرسل (ص)
[ فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم ] أي فمن أين لهم التذكر إذا جاءتهم الساعة، وقرعتهم الصاخة، حيث لا ينفع ندم ولا توبة ؟
[ فاعلم أنه لا إله إلا الله ] أي فدم يا محمد على ما أنمت عليه من العلم بوحدانية الله
[ واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات ] أي اطلب من الله المغفرة لك وللمؤنين والمؤمنات
[ والله يعلم متقلبكم ومثواكم ] أي يعلم تصرفكم في الدنيا، ومصيركم في الآخرة، فأعدوا الزاد ليوم المعاد.
قال الله تعالى :[ ويقول الذين آمنوا لولا نزلت سورة.. ] إلى قوله [ ثم لا يكونوا أمثالكم ]. من آية( ٢٠ ) إلى آية (٣٨) نهاية السورة الكريمة.
المناسبة :
كان بدء السورة في الحديث عن الكافرين، لم جاء عن المؤمنين، وهنا يأتي الحديث عن المنافقين، وقد استغرق الجانب الأكبر من السورة، باعتبارهم الخطر الداهم على الإسلام والمسلمين، والآيات الكريمة تتحدث عن الجهاد وعن موقف المنافقين منه.
اللغة :
[ سول ] زين وسفل
[ أضغانهم ] أحقادهم الدفينة قال الجوهري : الضغن والضغينة : الحقد، وتضاغن القوم أبطنوا على الأحقاد
[ سيماهم ] علامتهم
[ السلم ] الصلح والموادعة
[ يحفكم ] يلح عليكم يقال : أحفى بالمسألة وألحف وألخ بمعنى واحد
[ يتركم ] ينقصكم يقال : وتره حفه أي نقصه.
التفسير :
[ ويقول الذين آمنوا لولا نزلت سورة ] أي ويقول المؤمنون المخلصون شوقا إلى الجهاد، وحرصا على ثوابه : هلا أنزلت سورة فيها الأمر بالجهاد
[ فإذا أنزلت سورة محكمة وذكر فيها القتال ] أي فإذا أنزلت سورة صريحة، ظاهرة الدلالة على الأمر بالقتال، قال القرطبي :[ محكمة ] أي لم تنسخ وقد قال قتادة : كل سورة ذكر فيها الجهاد فهي محكمة، وهي أشد القرآن على المنافقين
[ رأيت الذين في قلوبهم مرض ] أي رأيت المنافقين الذين في قلوبهم شك ونفاق
[ ينظرون إليك نظر المغشي عليه من الموت ] أي ينظرون إليك يا محمد تشخص أبصارهم جبنا وهلعا، كما ينظر من أصابته الغشية من حلول الموت
[ فأولى لهم ] أي فويل لهم، قال فى التسهيل : وهى كلمة معناها التهديد والدعاء عليهم، كقوله تعالى [ أولى لك أولى ]