[ طاعة وقول معروف ] مبتدأ محذوف الخبر أي طاعة لك يا محمد، وقول جميل طيب، خير لهم وأفضل وأحسن، قال الرازي : وهو كلام مستأنف محذوف الخبر تقديره خير لهم أي أحسن وأمثل، وإنما جاز الابتداء بإلنكرة لأنها موصوفة ويدل عليه قوله [ وقول معروف ] كأنه قال : طاعة مخلصة، وقول معروف خير لهم
[ فإذا عزم الأمر ] أي فإذا جد الجد وفرض القتال
[ فلو صدقوا الله لكان خيرا لهم ] أي فلو أخلصوا نياتهم، وجاهدوا بصدق ويقين لكان ذلك خيرا لهم من التقاعس والعصيان، والجملة جواب الشرط
[ فهل عسيتم أن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم ] أي فلعلكم إن أعرضتم عن الإسلام، أن ترجعوا إلى ما كنتم عليه في الجاهلية، من الإفساد في الأرض بالمعاصي، وقطع الأرحام ! ! قال قتادة : كيف رأيتم القوم حين تولوا عن كتاب الله، ألم يسفكوا الدم الحرام، ويقطعوا الأرحام، ويعصوا الرحمن ؟ ! قال أبو حيان : يريد ما جرى من الفترة بعد زمان الرسول (ص)
[ أولئك الذين لعنهم الله ] أي طردهم وأبعدهم من رحمته
[ فأصمهم وأعمى أبصارهم ] أي فأصمهم عن استماع الحق، وأعمى قلوبهم عن طريق الهدى فلا يهتدون إلى سبيل الرشاد قال القرطبى : أخبر تعالى أن من فعل ذلك حقت عليه اللعنة، وسلبه الله الانتفاع بسمعه وبصره، حتى لا ينقاد للحق وإن سمعه، فجعله كالبهيمة التي لا تعقل
[ أفلا يتدبرون القرآن ] ؟ الاستفهام توبيخي أي أفلا يتفهمون القرآن ويتصفحونه، ليروا ما فيه من المواعظ والزواجر، حتى لا يقعوا فيما وقعوا فيه من الموبقات ! ؟
[ أم على قلوب أقفالها ] " أم " بمعنى " بل " وهو انتقال من توبيخهم على عدم التدبر، إلى توبيخهم على ظلمة القلوب وقسوتها، حتى لا تقبل التفكر والتدبر والمعنى : بل قلوبهم قاسية مظلمة كأنها مقفلة بالأقفال الحديدية، فلا ينفذ إليها نور ولا إيمان قال لرازي : إن القلب خلق للمعرفة، فإذا لم تكن فيه المعرفة فكأنه غير موجود، وهذا كما يقول القائل في الإنسان المؤذي : هذا ليس بإنسان هذا وحش، وهذا ليس بقلب هذا حجر
[ إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى ] أي رجعوا إلى الكفر بعد الإيمان، وبعد أن وضح لهم طريق الهدى، بالدلائل الظاهرة والمعجزات الواضحة
[ الشيطان سول لهم وأملى لهم ] أي الشيطان زين لهم ذلك الأمر، وغرهم وخدعهم بالأمل، وطول الأجل
[ ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله ] أي ذلك الإضلال بسبب أنهم قالوا لليهود الذين كرهوا القرآن الذي نزله الله حسدا وبغيا
[ سنطيعكم في بعض الأمر ] أي سنطيعكم في بعض ما تأمروننا به كالقعود عن الجهاد، وتثبيط المسلمين عنه وغير ذلك
[ والله يعلم إسرارهم ] أي وهو جل وعلا يعلم خفاياهم، وما يبطنونه من الكيد والدس والتآمر على الإسلام والمسلمين قال المفسرون : قال المنافقون لليهود ذلك سرا، فأظهره الله تعالى وفضحهم
[ فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم ] أي فكيف يكون حالهم حين تحضرهم ملائكة العذاب لقبض أرواحهم، ومعهم مقامع من حديد يضربون بها وجوههم وظهورهم ؟ قال القرطبي : والمعنى على التخويف والتهديد، أي إن تأخر عنهم العذاب فإلى انقضاء العمر قال ابن عباس : لا يتوفى أحد على معصية إلا تضرب الملائكة في وجهه وفي دبره،
[ ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه ] أي ذلك العذاب بسبب أنهم سلكوا طريق النفاق، وكرهوا ما يرضي الله من الإيمان والجهاد، وغيرهما من الطاعات
[ فأحبط أعمالهم ] أي أبطل ما عملوه حال إيمانهم من أعمال البر