[ أم حسب الذين في قلوبهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم ] ؟ أي هل يعتقد المنافقون الذين في قلوبهم شك ونفاق، أن الله لن يكشف أمرهم لعباده المؤمنين ؟ وأئه لن يظهر بغضهم وأحقادهم على الإسلام والمسلمين ؟ لا بد أن يفضحهم ويكشف أمرهم
[ ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ] أي لو أردنا لأريناك يا محمد أشخاصهم فعرفتهم عيانا بعلامتهم، ولكن الله ستر عليهم، إبقاء عليهم، وعلى أقاربهم من المسلمين لعلهم يتوبون
[ ولتعرفنهم في لحن القول ] أي ولتعرفن يا أيها الرسول المناققين من فحوى كلامهم وأسلوبه، فيما يعرضونه بك من القول الذي ظاهره إيمان وإسلام، وباطنه كفر ومسبة قال الكلبي : لم يتكلم بعد نزولها عند النبى (ص) أحد إلا عرفه (ص)
[ والله يعلم أعمالكم ] أي لا يخفئ عليه شيء من أعمالكم، فيجازيكم بحسب قصدكم، ففيه وعد ووعيد
[ ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ] أي ولنختبرنكم أيهت الناس بالجهاد وغيره من التكاليف الشاقة، حتى نعلم - علم ظهور - أي نطلع الناس على المجاهدين في سبيل الله، والصابرين على مشاق الجهاد
[ ونبلوا أخباركم ] أي ونختبر أعمالكم، حسنها وقبيحها قال في التسهيل : المراد بقوله [ حتى نعلم ] أي نعلمه علما ظاهرا في الوجود، تقوم به الحجة عليكم، وقد علم الله الأشياء قبل كونها، ولكنه أراد إقامة الحجة على عباده بما يصدر منهم، وكان الفضيل بن عياض إذا قرأ هذه الآية بكى وقال : اللهم لا تبتلنا، فإنك إذا ابتليتنا فضحتنا، وهتكت أستارنا! !
[ إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله ] أي جحدوا بآيات الله، ومنعوا الناس عن الدخول في الإسلام
[ وشاقوا الرسول من بعد ما تبين لهم الهدى ] أي عادوا الرسول وخرجوا عن طاعته، من بعد ما ظهر لهم صدقه، وأنه رسول الله بالحجج والآيات
[ لن يضروا الله شيئا وسيحبط أعمالهم ] أي لن يضروا الله بكفرهم وصدهم شيئا من الضرر، وسيبطل أعمالهم من صدقة ونحوها، فلا يرون لها في الآخرة ثوابا
[ يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ] أي امتثلوا أوامر الله وأوامر رسوله
[ ولا تبطلوا أعمالكم ] أي ولا تبطلوا أعمالكم بمأ أبطل به هؤلاء أعمالهم من الكفر والنفاق، والعجب والرياء
[ إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله ] أي جحدوا بآيات الله، وصدوا الناس عن طريق الهدى والإيمان
[ ثم ماتوا وهم كفار ] أي وماتوا على الكفر
[ فلن يغفر الله لهم ] أي فلن يغفر الله لهم بحال من الأحوال، وهذا قطع لأطماع المنافقين والكفار، بأن من مات على الكفر لا يغفر الله له، لقوله تعالى [ إن الله لا يغفر أن يشرك به ] قال أبو السعود : وهذا حكم يعم كل من مات على الكفر، وإن صح نزوله في أصحاب القليب
[ فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم ] أي فلا تضعفوا وتدعوا إلى المهادنة والصلح مع الكفار إذا لقيتموهم
[ وأنتم الأعلون ] أي وأنتم الأعزة الغالبون لأنكم مؤمنون
[ والله معكم ] أي والله معكم بالعون والنصر
[ ولن يتركم أعمالكم ] آي لن ينقصكم شيئا من ثواب أعمالكم قال ابن كثير : وفي قوله [ والله معكم ] بشارة عظيمة بالنصر والظفر على الأعداء
[ إنما الحياة الدنيا لعب ولهو ] أي ما الحياة الدنيا إلا زائلة فانية، لا قرار لها ولا ثبات، كاللعب واللهو، الذي يتلهى به الأولاد قال شيخ زاده : بين تعالى أن الدنيا وما فيها من الحظوظ العاجلة، لا يصلح مانعا من الإقدام إلى الجهاد، وما يؤدي إلى ثواب الآخرة، لكونها بمنزلة اللهو واللعب في سرعة زوالها، وأن الآخرة هي الحياة الباقية، فلا ينبغي أن يكون حب الدنيا، والحرص على ما فيها من اللذات والشهوات، سببا للجبن عن الغزو، والتخلف عن جهاد