[ فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ] أي فمن نقض البيعة فإنما يعود ضرر نكثه عليه، لأنه حرم نفسه الثواب، وألزمها العقاب، بنقضه العهد والميثاق، الذي عاهد به ربه !
[ ومن أوفى بما عاهد عليه الله ] أي ومن وقف بعهده
[ فسيؤتيه أجرا عظيما ] أي فسيعطيه الله ثوابا جزيلا، وهو الجنة دار الأبرار
[ سيقول لك المخلفون من الأعراب ] أي سيقول لك يا محمد المناققون، الذين تخلفوا عن الخروج معك عام الحديبية، من أعراب المدينة
[ شغلتنا أموالنا وأهلونا فاسغفر لنا ] أي شغلنا عن الخروج معك بالأمول والأولاد، فاطلب لنا من الله المغفرة، لأن تخلفنا لم يكن باختيار بل عن اضطرار قال في التسهيل : سماهم تعالى بالمخلفين لأنهم تخلفوا عن غزوة الحديبية، - والأعراب هم أهل البوادي من العرب – لما خرج رسول الله (ص) إلى مكة يعتمر، رأوا أنه يستقبل عدوا كثيرا من قريش وغيرهم، فقعدوا عن الخروج معه، ولم يكن إيمانهم متمكنا من قلوبهم، فظنوا أنه لا يرجع هو والمؤمنون من ذلك السفر، ففضحهم الله في هذه السورة، وأعلم تعالى رسوله (ص) بقولهم وإعتذارهم، قبل أن يصل إليهم، وأعلمه أنهم كاذبون في إعتذارهم
[ يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم ] أي يقولون خلاف ما يبطنون، وهذا هو النفاق المحض، فهم كاذبون في الاعتذار وطلب الاستغفار، لأنهم قالوه رياء من غير صدق ولا توبة
[ قل فمن يملك لكم من الله شيئا إن أراد بكم ضرا أو أراد بكم نفعا ] ؟ أي قل لهم : من يمنعكم من مشيئة الله وقضائه، إن أراد أن يلحق بكم أمرا يضركم كالهزيمة، أو أمرا ينفعكم كالنصر والغنيمة ؟ قال القرطبي : وهذا رد عليهم حين ظنوا أن التخلف عن الرسول (ص) يدفع عنهم الضر، ويعجل لهم النفع
[ بل كان الله بما تعملون خبيرا ] أي ليس الأمر كما زعمتم، بل الله مطلع على ما في قلوبكم من الكذب والنفاق.. ثم أظهر تعالى ما يخفونه في نفوسهم، فقال سبحانه
[ بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول والمؤمنون إلى أهليهم أبدا ] أي بل ظننتم أيها المنافقون أن محمدا وأصحابه لن يرجعوا إلى المدينة أبدا
[ وزين ذلك في قلوبكم ] أي وزين لكم الشيطان ذلك الضلال في قلوبكم
[ وظننتم ظن السوء ] أي طننتم أنهم يستأصلون بالقتل، ولا يرجع منهم أحد
[ وكنتم قوما بورا ] أي وكنتم قوما هالكين عند الله، مستوجبين لسخطه وعقابه بنفاقكم، وعدم خروجكم مع الرسول (ص)، ونواياكم الخبيثة
[ ومن لم يؤمن بالله ورسوله ] لما بين حال المتخلفين عن رسول الله، وبين حال ظنهم الفاسد، وأنه يفضي بصاحبه إلى الكفر، حرضهم على الإيمان والتوبة على سبيل العموم، والمعنى : من لم يؤمن بالله ورسوله بطريق الإخلاص والصدق
[ فإنا أعتدنا للكافرين سعيرا ] أي فإنا هيأنا للكافرين نارا شديدة مستعرة، وهو وعيد شديد للمنافقين
[ ولله ملك السموات والأرض ] أي له جد وعلا جميع ما في السموات والأرض، يتصرف في الكل كيف يشاء
[ يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ] أي يرحم من يشاء من عباده ويعذب من يشاء، وهذا قطع لطمعهم في استغفار رسول الله (ص) لهم
[ وكان الله غفورا رحيما ] أي واسع المغفرة عظيم الرحمة
[ سيقول المخلفون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها ] أي سييقول الذين تخلفوا عن الخروج مع رسول الله (ص) في عمرة الحديبية، عند ذهابكم إلى مغانم خيبر لتحصلوا عليها
[ ذرونا نتبعكم ] أي اتركونا نخرج معكم إلى خيبر لنقاتل معكم
[ يريدون أن يبدلوا كلام الله ] أي يريدون أن يغيروا وعد الله الذي وعده لأهل الحديبية، من جعل غنائم خيبر لهم خاصة، لا يشاركهم فيها أحد قال القرطبي : إن الله تعالى جعل لأهل الحديبية غنائم خيبر، عوضا عن فتح مكة، إذا رجعوا من الحديبية على صلح
[ قل لن تتبعونا ] أي قل لهم لا تتبعونا، فلن يكون لكم فيها نصيب


الصفحة التالية
Icon