[ كذلكم قال الله من قبل ] أي كذلكم حكم الله تعالى بأن غنيمة خيبر لمن شهد الحديبية، ليس لغيرهم فيها نصيب [ من قبل ] أي قبل رجوعنا منها
[ فسيقولون بل تحسدوننا ] أي فسيقولون ليس هذا من الله، بل هو حسد منكم لنا على معاركتكم في الغنيمة، قال تعالى رذا عليهم
[ بل كانوا لا يفقهون إلا قليلا ] أي لا يفهمون إلا فهما قليلا، وهو حرصهم على الغنائم وأمور الدنيا
[ قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد ] أي قل لهؤلاء الذين تخلفوا عن الحديبية - كرر وصفهم بالمخلفين ظهارا لشناعته، ومبالغة قي ذمهم - ستدعون إلى حرب قوم أشداء، هم بنو حنيفة - قوم مسيلمة الكذاب - أصحاب الردة
[ تقاتلونهم أو يسلمون ] أي إما أن تقتلوهم أو يدخلوا في دينكم بلا قتال
[ فإن تطيعوا يؤتكم الله أجرا حسنا ] أي فإن تستجيبوا وتخرجوا لقتالهم، يعطكم الله الغنيمة والنصر في الدنيا، والجنة في الآخرة
[ وإن تتولوا كما توليتم من قبل يعذبكم عذابا أليما ] أي وإن تتخلفوا عن الخروج كما تخلفتم زمن الحديبية، يعذبكم الله عذابا شديدا مؤلمأ في نار جهنم.. ثم ذكر تعالى الأعذار المبيحة في ترك الجهاد، فقال سبحانه
[ ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج ] أي ليس على هؤلاء إثم أو ذنب في ترك الخروج للجهاد، لما بهم من الأعذار الظاهرة
[ ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار ] أي من يطع أمر الله وأمر الرسول، يدخله جنات النعيم خالدا فيها، تجري من تحت قصورها ومساكنها أنهار الجنة
[ ومن يتول يعذبه عذابا أليما ] أي ومن ينكل عن الجهاد لغير عذر، يعذبه الله عذابا شديدا، في الدنيا بالمذلة والهوان، وفي الآخرة بالخلود في نار الجحيم.
قال الله تعالى :[ لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة.. ] إلى قوله [ مغفرة وأجرا عظيما ]. من آية (١٨ ) إلى نهاية السورة الكريمة آية (٢٩).
المناسبة :
لما ذكر تعالى حال المنافقين الذين تخلفوا عن الخروج مع رسول الله (ص)، ذكر تعالى حال المؤمنين المجاهدين الذين بايعوا الرسول " بيعة الرضوان "، تسجيلا لرضى الله تعالى عنهم، وتخليدا لمآثرهم الكريمة، وختم السورة الكريمة بالثناء على الصحابة الأبرار، بأبلغ ثناء وأكرم تمجيد.
اللغه :
[ أظفركم ] أظهركم وأعلاكم، ظفر بالشيء غلب عليه، وأظفره غلبه
[ معكوفا ] محبوسا ومنه الاعتكاف
[ معرة ] المعرة : العيب والمشقة اللاصقة بالإنسان، مأخوذة من العر وهو الجرب
[ تزيلوا ] تميزوا
[ الحمئة ] الأنفة والغضب الشديد
[ سيماهم ] علامتهم
[ شطأه ] الشطء : الفراخ قال الجوهري : شطء الزرع والنبات : فراخه والجمع أشطاء، وقال البخاري في كتاب التفسير
[ شطأه ] شطء السنبل : تنبت الحبة عشرأ أو ثمانيا فيقوى بعضه ببعض
[ أزره ] قواه وأعانه وشده.
سبب النزول :
عن أنس رضي الله عنه أن ثمانين من أهل مكة هبطوا على النبي (ص) من التنعيم، متسلحين يريدون الغدر به وبأصحابه، فأخذناهم أسرى فأنزل الله تعالى [ وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة.. ] الآية.
التفسير :