سورة السجدة
مكية وآياتها ثلاثون آية
بين يدي السورة
سورة السجدة مكية، وهي كسائر السور المكية تعالج أصول العقيدة الإسلامية (الإيمان بالله، واليوم الآخر، والكتب والرسل، والبعث والجزاء) والمحور الذي تدور عليه السور الكريمة، هو موضوع (البعث بعد الفناء) الذي طالما جادل المشركون حوله، واتخذوه ذريعة لتكذيب الرسول عليه الصلاة والسلام.
* تبتدىء السورة الكريمة بدفع الشك والارتياب عن القرآن العظيم، المعجزة الكبرى لرسول الله (ص) الذي لا تحوم حول ساحته الشبهات والأباطيل، ومع وضوح إعجازه، وسطوع آياته، وإشراقة بيانه، وسمو أحكامه، اتهم المشركون الرسول بأنه افترى هذا القرآن، واختلقه من تلقاء نفسه، فجأءت السورة الكريمة ترد هذا البهتان، بروائع الحجة والبرهان [ الم تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين أم يقولون افتراه.. ] الآيات.
* ثم تحدثت السورة عن دلائل القدرة والوحدانية، ببيان آثار قدرة الله قي الكائنات العلوية والسفلية، على طريقة القرآن في لفت الأنظار إلى إبداع الواحد القهار [ الله الذي خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام.. ] الآيات.
* ثم ذكر القرآن شبهة المشركين السخيفة، في إنكارهم للبعث والنشور، ورد عليها بالحجج القاطعة، والأدلة الساطعة، التي تنتزع الحجة من الخصم الجاحد العنيد، فلا يلبث أن يقر على نفسه بالهزيمة، أمام قوارع القرآن، وروائع الحجة والبيان [ وقالوا أئذا ضللنا في الأرض أئنا لفي خلق جديد ] الآيات.
* وختمت السورة بالحديث عن يوم الحساب، وما أعد الله فيه للمؤمنين المتقين، من النعيم الدائم في جنات الخلد، وما أعده للمجرمين من العذاب والنكال في دار الجحيم [ أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا ؟ لا يستوون أما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم جنات المأوى نزلا بما كانوا يعملون ] الآيات.
التسمية :
سميت " سورة السجدة " لما فيها من أوصاف المؤمنين الأبرار، الذين إذا سمعوا آيات القرآن العظيم [ خروا سجدا وسبحوا بحمد ربهم وهم لا يستكبرون ]. ( تفسير سورة السجدة )
قال الله تعالى :[ الم تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين.. ] إلى قوله [ جزاء بما كانوا يعملون ]. من آية ( ١ ) إلى آية (١٧ ).
اللغة :
[ افتراه ] اختلق القرآن من تلقاء نفسه
[ يعرج ] يصعد ويرتفع إليه
[ يدبر ] التدبير : رعاية شئون الغير
[ سلالة ] خلاصة
[ مهين ] ضعيف حقير
[ سؤاه ] قومه بتصوير أعضائه وتكميلها
[ ضللنا ] ضعنا وهلكنا، وأصله من قول العرب : ضل اللبن في الماء إذا ذهب وضاع
[ ناكسوا ] مطرقوا يقال : نكس رأسه إذا اطرقه
[ الجنة ] بكسر الجيم بمعنى الجن قال تعالى :[ ولقد علمت الجنة إنهم لمحضرون ].
التفسير :
[ الم ] الحروف المقطعة للتنبيه على إعجاز القرآن
[ تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين ] أي هذا الكتاب الموحى به إليك يا أيها الرسول، هو القرآن الذي لا شك أنه من عند الله عز وجل، تنزيل من رب العالمين
[ أم يقولون افتراه ] الضمير يعود لكفار قريش و[ أم ] بمعنى بل والهمزة أي بل أيقول المشركون اختلق محمد القرآن، وافتراه من تلقاء نفسه ؟ لا ليس الأمر كما يدعون
[ بل هو الحق من ربك ] أى بل هو القول الحق، والكلام الصدق، المنزل من ربك، قال البيضاوى : أشار أولا إلى إعجازه، ثم رتب عليه أنه تنزيل من رب العالمين، وقرر ذلك بنفي الريب عنه، ثم اضرب عن ذلك إلى ما يقولون فيه على خلاف ذلك، إنكارا له وتعجبا منه، ثم بين المقصود من إنزاله بقوله