سورة الحجرات
مدنية وآياتها ثمان عشرة آية
بين يدي السورة
* هذه السورة الكريمة مدنية، وهي على وجازتها سورة جليلة ضخمة، تتضمن حقائق التربية الخالدة، وأسس المدنية الفاضلة، حتى سماها بعض المفسرين " سورة الأخلاق
* ابتدأت السورة الكريمة بالأدب الرفيع الذي أدب الله به المؤمنين، تجاه شريعة الله وأمر رسوله، وهو ألا يبرموا أمرا، أو يبدوا رأيا، أو يقضوا حكما في حضرة الرسول (ص)، حتى يستشيروه، ويستمسكوا بارشاداته الحكيمة [ يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم ].
*ثم انتقلت إلى أدب آخر وهو خفض الصوت إذا تحدثوا مع الرسول (ص) تعظيما لقدره الشريف، واحتراما لمقامه السامي، فإنه ليس كعامة الناس بل هو رسول الله، ومن واجب المؤمنين أن يتأدبوا معه في الخطاب مع التوقير والتعظيم والإجلال [ يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي.. ] الآيات.
*ومن الأدب الخاص إلى الأدب العام، تنتقل السورة لتقرير دعائم المجتمع الفاضل، فتأمر المؤمنين بعدم السماع للإشاعات، وتأمر بالتثبت من الأنباء والأخبار، لاسيما إن كان الخبر صادرا عن شخص غير عدل أو شخص متهم، فكم من كلمة نقلها فاجر فاسق، سببت كارثة من الكوارث، وكم من خبر لم يتثبت منه سامعه، جر وبالا، وأحدث انقساما [ يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا.. ] الآيات.
* ودعت السورة إلى الإصلاح بين المتخاصمين، ودفع عدوان الباغين [ وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما.. ] الآيات.
* وحذرت السورة من السخرية والهمز واللمز، ونفرت من الغيبة والتجسس، والظن السيىء بالمؤمنين، ودعت إلى مكارم الأخلاق، والفضائل الاجتماعية، وحين حذرت من الغيبة جاء النهي في تعبير رائع عجيب، أبدعه القرآن غاية الإبداع، صورة رجل يجلس إلى جنب أخ له ميت ينهش منه ويأكل لحمه [ ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه ] الآية ويا له من تنفير عجيب إ!.
* وختمت السورة بالحديث عن الأعراب الذين ظنوا الايمان كلمة تقال باللسان، وجاءوا يمنون على الرسول إيمانهم، وقد وضحت حقيقة الإيمان، وحقيقة الإسلام، وشروط المؤمن تلكامل، وهو الذي جمع الإيمان، والإخلاص والجهاد، وتلعمل تلصالح [ إنما المؤمنون الذي آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا، وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله، أولئك هم الصادقون.. ] إلى آخر السورة الكريمة.
التسمية :
سميت (سورة الحجرات) لأن الله تعالى ذكر فيها حرمة بيوت النبي (ص) وهي الحجرات التي كان يسكنها أمهات المؤمنين الطاهرات رضوان الله عليهن.
قال الله تعالى :[ يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله.. ] إلى قوله [ ان الله تواب رحيم ]. من آية ( ١ ) إلى نهاية آية (١٢ ).
اللغة :
[ يغضون ] غض صوته خفضه وخافت به
[ فاسق ] الفاسق : الخارج من حدود الشرع، وهو في أصل الاشتقاق موضوع لما يدل على معنى الخروج، مأخوذ من قولهم : فسقت الرطبة إذا خرجت من قشرها، وسمي فاسقا لخروجه عن الطاعة
[ نبأ ] النبأ : الخبر الهام قال الراغب : لا يقال للخبر في الأصل نبأ حتى يكون فيه فائدة عظيمة، يحصل به علم أو غلبة ظن
[ عنتم ] وقعتم في العنت وهو المشقة والهلاك، قال في اللسان : العنت : الهلاك وأغنته أوقعه في الهلكة
[ الراشدون ] جمع راشد وهو المهتدي إلى محاسن الأمور
[ تفيء ] ترجع
[ بغت ] اعتدت واستطالت، وأصله مجاوزة الحد في الظلم والطغيان
[ تلمزوا ] تعيبوا.
سبب النزول :