عن قتادة أن اليهود قالوا إن الله خلق السموات والأرض في ستة أيام، أولها يوم الأحد وآخرها يوم الجمعة، وأنه تعب فاستراح يوم السبت وسموه يوم الراحة، " راحة الرب "، فكذبهم تعالى فيما قالوا فنزلت [ ولقد خلقنا السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما منا من لغوب ] أي ما لحقنا ولا أصابنا من عناء أو تعب.
التفسير :
[ وقال قرينه هذا ما لدى عتيد ] أي وقال الملك الموكل به : هذا الذي وكلتني به من بني آدم، قد أحضرت ديوان عمله
[ ألقيا في جهنم كل كفار عنيد ] أي يقول تعالى للملكين :(السائق) و(الشهيد) أقذفا في جهنم كل كافر معاند للحق، لا يؤمن بيوم الحساب
[ مناع للخير ] أي مبالغ في المنع لكل حق واجب عليه في ماله
[ معتد مريب ] أي ظالم غاشم، شاك في الدين
[ الذي جعل مع الله إلها آخر ] أي أشرك بالله ولم يؤمن بوحدانيته
[ فألقياه في العذاب الشديد ] أي فألقياه في نار جهنم، وكرر اللفظ [ فألقياه ] للتوكيد
[ قال قرينه ربنا ما أطغيته ] أي قال قرينه - وهو الشيطان المقبض له - ربنا ما أضللته
[ ولكن كان في ضلال بعيد ] أي ولكنه ضل باختياره، وآثر العمى على الهدى، من غير إكراه أو إجبار، وفي الآية محذوف دل عليه السياق، كأن الكافر قال : يا رب إن شيطاني هو الذي أطغانى، فيقول قرينه : ربنا ما أطغيته، بل كان هو نفسه ضالا معاندا للحق، فأعنته عليه
[ قال لا تختصموا لدي وقد قدمت إليكم بالوعيد ] أي فيقول الله عز وجل للكافرين وقرنائهم من الشياطين : لا تتخاصموا هنا، فما ينفع الخصام ولا الجدال، وقد سبق أن أنذرتكم على ألسنة الرسل بعذابي، وحذرتكم شديد عقابي، فلم تنفعكم الآيات والنذر
[ ما يبدل القول لدى ] أي ما يغير كلامى، ولا يبدل حكمي بعقاب الكفرة المجرمين، قال المفسرون : المراد وعده تعالى بعذاب الكافر، وتخليده في النار، بقوله تعالى :[ لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين ]
[ وما أنا بظلام للعبيد ] أي ولست ظالما حتى أعذب أحدا بدون استحقاق، وأعاقبه بدون جرم
[ يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد ] ؟ أي أذكر ذلك اليوم الرهيب، يوم يقول الله تعالى لجهنم : هل امتلأت، وتقول : هل هناك من زيادة ؟ وفي الحديث :(لا تزال جهنم يلقى فيها وتقول هل من مزيد، حتى يضع رب العزة فيها قدمه، فتقول : قط، قط، وعزتك وكرمك - أي قد اكتفيت – وينزوي بعضها إلى بعض والظاهر أن السؤال والجواب على حقيقتهما، والله على كل شىء قدير، فإن إنطاق الجماد والشجر والحجر جائز عقلا، وحاصل شرعا، وقد أخبر القرآن الكريم أن نملة تكلمت، وأن كل شيء يسبح بحمد الله، وورد في صحيح مسلم أن المسلمين في آخر الزمان يقاتلون اليهود، حتى يختبىء اليهودي وراء الشجر والحجر، فينطق الله الشجر والحجر.. الخ وقيل : إن الآية على التمثيل وأنها تصوير لسعة جهنم وتباعد أقطارها، بحيث لو ألقي فيها جميع الكفرة والمجرمين، فإنها تتسع لهم، وهو كقولهم :(قال الحائط للمسمار لم تشقني ؟ قال : سل من يدقنى) فهو تمثيل وليس على الحقيقة، وكل من القولين له وجهته ودليله.. ثم أخبر تعالى عن حال السعداء بعد أن ذكر حال الأشقياء، فقال سبحانه :
[ وأزلفت الجنة للمتقين غير بعيد ] أي قربت وأدنيت الجنة من المؤمنين المتقين، مكانا غير بعيد، بحيث تكون بمرأى منهم، مبالغة في إكرامهم
[ هذا ما توعدون لكل أواب حفيظ ] أي يقال لهم : هذا الذي ترونه من النعيم، هو ما وعده الله لكل عبد آواب، أي رجاع إلى الله، حافظ لعهده وأمره
[ من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب ] أي خاف الرحمن فأطاعه، دون أن يراه لقوة يقينه، وجاء بقلب تائب خاضع خاشع