[ ادخلوها بسلام ذلك يوم الخلود ] أي يقال لهم : ادخلوا الجنة بسلامة من العذاب، والهموم والأكدار، ذلك هو يوم البقاء الذي لا انتهاء له أبدا، لأنه لا موت في الجنة ولا فناء
[ لهم ما يشاءون فيها ] أي لهم في الجنة من كل ما تشتهيه أنفسهم، وتلذ به أعينهم
[ ولدينا مزيد ] أي وعندنا زيادة على ذلك الإنعام والإكرام، وهو النظر إلى وجه الله الكريم ((هذا القول مروي عن أنس وجابر بن عبد الله قالا : المزيد هو أن يتجلى الله تعالى لهم حتى يرونه وذلك فى كل جمعة )). ثم خوف تعالى كفار مكة، بما حدث للمكذبين قبلهم، فقال سبحانه :
[ وكم أهلكنا قبلهم من قرن ] أي وأهلكنا قبل كفار قريش أمما كثيرين، من الكفار المجرمين
[ هم أشد منهم بطشا ] أي هم أقوى من كفار قريش قوة، وأعظم منهم فتكا وبطشا
[ فنقبوا في البلاد هل من محيص ] أي فساروا في البلاد، وطوفوا فيها وجالوا في أقطارها، فهل كان لهم من الموت مهرب ؟ وهل كان لهم من عذاب الله مخلص ؟
[ إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ] أي إن فيما ذكر من إهلاك القرى الظالمة، لتذكرة وموعظة لمن كان له عقل يتدبر به، أو أصغى إلى الموعظة وهو حاضر القلب، ليتذكر ويعتبر، قال سفيان : لا يكون حاضرا وقلبه غائب، وقال الضحاك : العرب تقول : ألقى فلان سمعه، إذا استمع بأذنيه، وهو شاهد بقلب غير غائب، وعبر عن العقل بالقلب لأنه موضعه، كما قال تعالى :[ فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ]
[ ولقد خلقنا السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب ] هذه الآية رد على اليهود اللعناء، حيث زعموا أن الله خلق السموات والأرض في ستة أيام، أولها يوم الأحد، وآخرها يوم الجمعة، وأنه تعب فاستراح يوم السبت، واستبقى على ظهره فوق العرشى، فكذبهم الله تعالى، والمعنى : والله لقد خلقنا السموات السبع في ارتفاعها وعظمتها، والأرض في كثافتها وسعتها، وما بينهما من المخلوقات البديعة، في ستة أيام، وما مسنا من إعياء وتعب
[ فاصبر على ما يقولون ] أي فاصبر يا محمد على ما يقوله اليهود، وغيرهم من كفار قريش، واهجرهم هجرا جميلا
[ وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب ] أي ونزه ربك عما لا يليق به، وصل له واعبده وقتي الفجر والعصر، وخصهما بالذكر لزيادة فضلهما وشرفهما
[ ومن الليل فسبحه وأدبار السجود ] أي ومن الليل فصل لله تهجدا، وأعقاب الصلوات المفروضة، قال ابن كثير : كانت الصلاة المفروضة قبل الإسراء : ثنتان قبل طلوع الشمس، وثنتان قبل الغروب، وكان قيام الليل واجبا على النبي (ص) وعلى أمته حولا، ثم نسخ في حق الأمة وجوبه، ثم بعد ذلك نسخ كل ذلك ليلة الإسراء بخمس صلوات، وبقي منهن صلاة الصبح والعصر فهما قبل طلوع الشمس وقبل الغروب
[ واستمع يوم يناد المناد من مكان قريب ] أي واستمع يا محمد النداء والصوت، حين ينادي إسرافيل. بالحشر من موضع قريب، يصل صوته إلى الكل على السواء، قال أبو السعود : وفيه تهويل وتفظيع لشأن المخبر به، والمنادي هو إسرافيل عليه السلام يقول : أيتها العظام البالية، والأوصال المتقطعة، واللحوم المتمزقة، والشعور المتفرقة، إن الله يأمركن أن تجتمعن لفصل القضاء
[ يوم يسمعون الصيحة بالحق ] أي يوم يسمعون صيحة البعث التي تأتي بالحق وهي النفخة الثانية في الصور
[ ذلك يوم الخروج ] أي ذلك هو يوم الخروج من القبور
[ إنا نحن نحيي ونميت وإلينا المصير ] أي نحى الخلائق ونميتهم فى الدنيا، وإلينا رجوعهم للجزاء في الآخرة، لا إلى غيرنا
[ يوم تشقق الأرض عنهم سراعا ] أي يوم تنشق الأرض عنهم، فيخرجون من القبور مسرعين إلى موقف الحساب، استجابة لنداء المنادي


الصفحة التالية
Icon