[ إن الله هو الرزاق ] أي إنه جل وعلا هو الرازق، المتكفل بأرزاق العباد وحاجاتهم ! ! أتى باسم الجلالة الظاهر للتفخيم والتعظيم، وأكد الجملة بإن والضمير المنفصل لقطع أوهام الخلق في أمور الرزق، وليقوي اعتمادهم على الله
[ ذو القوة ] أي ذو القدرة الباهرة
[ المتين ] أي شديد القوة، لا يطرأ عليه عجز ولا ضعف، قال ابن كثير : أخبر تعالى أنه غير محتاج إليهم، بل هم الفقراء إلى الله في جميع أحوالهم، فهو خالقهم ورازقهم، وفي الحديث القدسي :(يا ابن آدم تفرغ لعبادتي أملأ صدرك غنى، وإلا تفعل ملأت صدرك شغلا، ولم أسد فقرك )
[ فإن للذين ظلموا ذنوبا مثل ذنوب أصحابهم ] اي فإن لهؤلاء الكفار الذين كذبوا الرسول (ص) نصيبا من العذاب، مثل نصيب أسلافهم الذين أهلكوا، كقوم نوح، وعاد، وثمود
[ فلا يستعجلون ] أي فلا يتعجلوا عذابي فإنه واقع لا محالة، إن عاجلا أو آجلا
[ فويل للذين كفروا من يومهم الذي يوعدون ] أي هلاك ودمار وشدة عذاب، لهؤلاء الكفار الفجار، في يوم القيامة الذي وعدهم الله به، فإنه يوم على الكافرين عسير.
البلاغه :
تضمنت السورة الكريمة وجوها من البيان والبديع نوجزها فيما يلي :
١ - الطباق [ وفي أموالهم حق للسائل والمحروم ] لأن السائل الطالب، والمحروم المتعفف.
٢ - تأكيد الخبر بالقسم وإن واللام [ فورب السماء والأرض إنه لحق ] ويسمى هذا الضرب إنكاريا، لأن المخاطب منكر لذلك.
٣ - أسلوب التشويق والتفخيم [ هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين ] ؟.
٤ - الاستعارة [ فتولى بركنه ] استعار الركن للجنود والجموع، لأنه يحصل بهم التقوى والاعتماد، كما يعتمد على الركن في البناء أو استعارة للقوة والشدة.
٥ - المجاز العقلي [ وهو مليم ] أطلق اسم الفاعل على اسم المفعول أي ملام على طغيانه.
٦ - الاستعارة التبعية [ الريح العقيم ] شبه إهلاكهم وقطع دابرهم بعقم النساء وعدم حملهن، ثم أطلق المشبه به على المشبه، واشتق منه العقيم بطريق الاستعارة التبعية
٧ - حذف الإيجاز [ قوم منكرون ] أي أنتم قوم منكرون ومثلها [ عجوز عقيم ] أي أنا عجوز.
٨ - التشبيه المرسل المجمل [ ذنوبا مثل ذنوب أصحابهم ] أي نصيبا من العذاب مثل نصيب أسلافهم المكذبين، في الشدة والغلظة، حذف منه وجه الشبه فهو مجمل.
٩ - الإطناب بتكرار الفعل [ ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون ] للمبالغة والتأكيد.
١٠ - السجع الرصين غير المتكلف، الذي يزيد في جمال الأسلوب ورونقه مثل [ والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون.. والأرض فرشناها فنعم الماهدون ] وهو من المحسنات البديعية.
لطيفة :
ذكر ان إعرابيا سمع قارئا يقرأ [ وفي السماء رزقكم وما توعدون، فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما إنكم تنطقون ] فقال : يا سبحان الله ! ! من الذي أغضب الجليل حتى حلف لهم ! ! ألم يصدقوه في قوله حتى ألجئوه إلى اليمين ؟ يا ويح الناس !


الصفحة التالية
Icon