[ يدعون ربهم خوفا وطمعا ] أي يدعون ربهم خوفا من عذابه، وطمعا في رحمته وثوابه
[ ومما رزقناهم ينفقون ] أي ومما أعطيناهم من الرزق، ينفقون في وجوه البر والحسنات
[ فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين ] أي فلا يعلم أحد من الخلق، مقدار ما يعطيهم الله من النعيم، مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر
[ جزاء بما كانوا يعملون ] أي ثوابا لما قدموه في الدنيا من صالح الأعمال.
قال الله تعالى :[ أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسفا لا يستوون.. ] إلى قوله [ وانتظر إنهم منتظرون ] من آية (١٨ ) إلى آية ( ٣٠) إلى نهاية السورة الكريمة.
المناسبة :
لما ذكر تعالى حال المجرمين في الآخرة، وما أعده لهم من العذاب الأليم، وحال المؤمنين المتقين، وما أعده لهم من الكرامة في دار النعيم، ذكر هنا أنه لا يتساوى الفريقان :(فريق الأبرار)، و(فريق الفجار) لأن عدالة الله تقتضي التمييز بين المؤمن الصالح، والفاسق الفاجر.
اللغة :
[ فاسقا ] الفاسق : الخارج عن طاعة الله
[ نزلا ] ضيافة وعطاة، والنزل ما يهيأ للنازل والضيف أول قدومه قال الشاعر : وكنا إذا الجبار بالجيش ضافنا جعلنا القنا والمرهفات له نزلا
[ الجرز ] اليابسة الجرداء التي لا نبات فيها، والجرز : القطع، قال الزمخشرى : الجرز : الأرض التي جرز نباتها اي قطع، إما لعدم الماء أو لأنه رعي وأزيل، ولا يقال للتي لا تنبت كالسباخ جرز
[ آلفتح ] الحكم ويقال للحاكم : فاتح وفتاح، لأنه يفصل بين الناس بحكمه
[ ينظرون ] يمهلون ويؤخرون.
سبب النزول :
روي أنه كان بين " علي بن أبي طالب " و " عقبة بن أبى معيط " تنازع وخصومة، فقال الوليد بن عقبة لعلي : أسكت فإنك صبى، وأنا والله أبسط منك لسانا، وأشجع منك جنانا، وأملأ منك حشوا في الكتيبة، فقال له علي : اسكت فإنك فاسق، فنزلت [ أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يسوون ] فقد كان هذا الفاجر، يفخر ويتباهى بوقاحته وشجاعته.
التفسير :
[ أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا ] ؟ اي أفمن كان في الحياة الدنيا، مؤمنا متقيا لله، كمن كان فاسقا، خارجا عن طاعة الله ؟
[ لا يستوون ] أي لا يستوون في الآخرة بالثواب والكرامة، كما لم يستووا في الدنيا بالطاعة والعبادة، وهذه الآية كقوله تعالى :[ أفنجعل المسلمين كالمجرمين ] ؟ قال ابن كثير : يخبر تعالى عن عدله وكرمه، أنه لا يساوي في حكمه يوم القيامة، من كان مؤمنا بآياته، متبعا لرسله، بمن كان فاسقا أي خارجا عن طاعة ربه، مكذبا رسل الله.. ثم فضل تعالى جزاء الفريقين، فقال سبحانه :
[ أما الذين آمنوا وعملوا الصالحات ] أي أما المتقون الذين جمعوا بين الإيمان والعمل الصالح
[ فلهم جنات المأوى ] أي لهم الجنات والحدائق الزاهية، التي فيها المساكن والدور، والغرف العالية يأوون إليها ويستمتعون بها، قال البيضاوي : فالجنة هي المأوى الحقيقي، والدنيا منزل مرتحل عنه لا محالة
[ نزلا بما كانوا يعملون ] أي ضيافة مهيأة ومعدة لإكرامهم، كما تهيأ التحف للضيف، وذلك بسبب الإيمان، وما قدموه من صالح الأعمال
[ وأما الذين فسقوا فمأواهم النار ] أي وأما الذين خرجوا عن طاعة الله، فمسكنهم ومنزلهم نار جهنم
[ كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها ] أي إذا دفعهم لهب النار إلى أعلاها، ردوا إلى موضعهم أسفلها، قال الفضيل بن عياض : والله إن الأيدي لموثقة، وإن الأرجل لمقيدة، وأن اللهب ليرفعهم والملائكة تقمعهم
[ وقيل لهم ذوقوا عذاب النار الذى كنتم به تكذبون ] أي وتقول لهم خزنة جهنم تقريعا وتوبيخا : ذوقوا عذاب النار المخزي، الذي كنتم تكذبون به في الدنيا وتهزءون منه، ثم توعدهم بعذاب عاجل! في الدنيا، فقال سبحانه :