[ والنجم إذا هوى ] اي أقسم بالنجم وقت سقوطه من علو، قال ابن عباس : أقسم سبحانه بالنجوم إذا انقضت في إثر الشياطين حين استراقها السمع فالمراد بالنجم جنس النجوم، واللفظ للاستغراق، وقال الحسن : المراد في الآية النجوم إذا انتثرت يوم القيامة كقوله :[ وإذا الكواكب انتثرت ] قال ابن كثير : الخالق يقسم بما شاء من خلقه، والمخلوق لا ينبغي أن يقسم إلا بالخالق
[ ما ضل صاحبكم ] أي ما ضل محمد عن طريق الهداية، ولا حاد عن نهج الاستقامة
[ وما غوى ] أي وما اعتقد باطلا قط، بل هو في غاية الهدى والرشد، والخطاب لكفار قريش، والتعبير بلفظ [ صاحبكم ] للإيذان بوقوفهم على تفاصيل أحواله، فإن طول صحبتهم له، ومشاهدتهم لمحاسن أوصافه العظيمة، مقتضية ذلك، وكأنه يقول : إن محمدا قد صاحبكم طويلا مدة أربعين سنة، ألا تكفي هذه لمعرفة حقيقة أمره ؟ فقد سميتموه بالصادق الأمين، فكيف تتهمونه بالكذب على الله في دعوى النبوة والرسالة ؟
[ وما ينطق عن الهوى ] أي لا يتكلم، عن هوى نفسي ورأي شخصي
[ إن هو إلا وحى يوحى ] أي لا يتكلم إلا عن وحى من الله عز وجل، قال البيضاوي : أي ما القرآن إلا وحى يوحيه الله إليه
[ علمه شديد القوى ] أي علمه هذا القرآن ملك شديد قواه وهو " جبريل " الأمين، قال المفسرون : ومما يدل على شدة قوته أنه قلع قرى قوم لوط وحملها على جناحه، حتى بلغ بها السماء ثم قلبها، وصاح بثمود فأصبحوا خامدين، وكان هبوطه بالوحي على الأنبياء أو صعوده في أسرع من رجعة الطرف
[ ذو مرة فاستوى ] أي ذو حصافة في العقل، وقوة في الجسم، فاستقر جبريل على صورته الحقيقية
[ وهو بالأفق الأعلى ] أي وهو بأفق السماء حيث تطلع الشمس جهة المشرق، قال ابن عباس : المراد بالأفق الأعلى مطلع الشمس قال الخازن : كان جبريل يأتي رسول الله(ص) في صورة الآدميين، كما كان يأتي الأنبياء قبله، فسأله رسول الله (ص)أن يريه نفسه على صورته التي جبل عليها، فأراه نفسه مرتين : مرة في الأرض، ومرة في السماء، فأما التي في الأرض فبالأفق الأعلى، اي جانب المشرق حيث كان رسول الله (ص) بحراء فطلع عليه جبريل من ناحية المشرق، وفتح جناحيه فسد ما بين المشرق والمغرب، فخر رسول الله (ص)مغشيا عليه، فتحول جبريل إلى صورة الآدميين، فضمه إلى نفسه وجعل يمسح الغبار عن وجهه، وهو قوله :
[ ثم دنا فتدلى ] وأما التى في السماء فعند سدرة المنتهى، ولم يره أحد من الأنبياء على صورته الملكية التي خلق عليها إلا نبينا محمد (ص) [ ثم دنا فتدلى ] أي ثم اقترب جبريل من محمد وزاد في القرب منه
[ فكان قاب قوسين أو أدنى ] أي فكان منه على مقدار قوسين أو أقل، قال الألوسي : والمراد إفادة شدة القرب فكأنه قيل : فكان قريبا منه جدا
[ فأوحى إلى عبده ما أوحى ] أي فأوحى جبريل إلى عبد الله ورسوله محمد (ص) ما أوحى إليه من أوامر الله عز وجل
[ ما كذب الفؤاد ما رأى ] أي ما كذب قلب محمد ما رأه ببصره من صورة جبريل الحقيقية، قال ابن مسعود : رأى رسول الله (ص)جبريل في صورته وله ستمائة جناح، كل جناح منهما قد سد الأفق، يسقط من جناحه من التهاويل والدر والياقوت ما الله به عليم