[ أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى ] أي اخبرونا يا معشر الكفار عن هذه الآلهة التي تعبدونها (اللات والعزى ومناة) ؟ هل لها من القدرة والعظمة، التي وصف بها رب العزة شيء، حتى زعمتم أنها آلهة ؟ قال الخازن : هذه أسماء أصنام اتخذوها آلهة يعبدونها، واشتقوا لها أسماء من أسماء الله عز وجل، فقالوا من الله (اللات ) ومن العزيز (العزى)، وكانت اللات بالطائف، والعزى بغطفان وقد حطمها " خالد بن الوليد " ومناة صنم لخزاعة يعبده أهل مكة
[ ألكم الذكر وله الأنثى ] ؟ توبيخ وتقريع أي الكم يا معشر المشركين النوع المحبوب من الأولاد وهو الذكر، وله تعالى النوع المذموم بزعمكم وهو الأنثى ؟
[ تلك إذا قسمة ضيزى ] أي تلك القسمة قسمة جانرة غير عادلة، حيث جعلتم لربكم ما تكرهونه لأنفسكم، قال الرازي : إنهم ما قالوا لنا البنون وله البنات، وإنما نسبوا إلى الله البنات، وكانوا يكرهونهن كما قال تعالى :[ ويجعلون لله ما يكرهون ] فلما نسبوا إلى آلله البنات، حصل من تلك النسبة قسمة جانرة
[ إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ] أي ما هذه الأوثان إلا أسماء مجردة، لا معنى تحتها، لأنها لا تضر ولا تنفع، سميتموها آلهة أنتم وآباؤكم وهي مجرد تسميات ألقيت على جمادات
[ ما أنزل الله بها من سلطان ] أي ما أنزل الله بها من حجة ولا برهان
[ إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ] أي ما يتبعون في عبادتها إلا الظنون والأوهام، وما تشتهيه أنفسهم مما زينه لهم الشيطان
[ ولقد جاءهم من ربهم الهدى ] أي والحال أنه قد جاءهم من ربهم البيان الساطع، والبرهان القاطع على أن الأصنام ليست بآلهة، وأن العبادة لا تصلح إلا لله الواحد القهار، قال ابن الجوزي : وفيه تعجيب من حالهم إذ لم يتركوا عبادتها بعد وضوح البيان
[ أم للإنسان ما تمنى ] أي ليس للإنسان كل ما يشتهي حتى يطمع في شفاعة الأصنام، قال الصاوي : والمراد بالإنسان الكافر، وهذه الآية تجر بذيلها على من يلتجىء لغير الله، طلبا للفانى، ويتبع هوى نفسه فيما تطلبه، فليس له ما يشتهي، واتباع الهوى هوان
[ فلله الأخرة والأولى ] أي فالملك كله لله، يعطي من يشاء، ويمنع من يشاء، لأنه مالك الدنيا والآخرة، وليس الأمر كما يشتهي الإنسان، بل هو تعالى يعطى من اتبع هداه وترك هواه.. ثم أكد هذا المعنى بقوله :
[ وكم من ملك فى السموات ] أي وكثير من الملائكة الأبرار الأطهار المنبثين في السموات
[ لا تغني شفاعتهم شيئا ] أي إن الملائكة مع علو منزلتهم ورفعة شأنهم، لا تنفع شفاعتهم أحدا إلا بإذن الله، فكيف تشفع الأصنام مع حقارتها ؟
[ إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى ] أي إلا من بعد أن يأذن تعالى في الشفاعة، لمن يشاء من أهل التوحيد والإيمان، ويرضى عنه !! كقوله تعالى :[ ولا يشفعون إلا لمن ارتضى ] قال ابن كثير : فإذا كان هذا في حق الملائكة المقربين، فكيف ترجون أيها الجاهلون شفاعة الأصنام والأنداد عند الله تعالى ؟ ثم أخبر تعالى عن ضلالات المشركين، فقال سبحانه :
[ إن الذين لا يؤمنون بالأخرة ] أي لا يصدقون بالبعث والحساب
[ ليسمون الملائكة تسمية الأنثى ] أي ليزعمون أنهم إناث وأنهم بنات الله
[ وما لهم به من علم ] أي لا علم لهم بما يقولون أصلا، لأنهم لم يشاهدوا خلق الملائكة، ولا جاءهم عن الله حجة أو برهان
[ إن يتبعون إلا الظن ] أي ما يتبعون في هذه الأقوال الباطلة، إلا الظنون والأوهام
[ وإن الظن لا يغني من الحق شيئا ] أي وإن الظن لا يجدي شيئا، ولا يقوم أبدا مقام الحق
[ فأعرض عمن تولى عن ذكرنا ] أي فأعرض يا محمد عن هؤلاء المشركين، الذين استنكفوا عن الإيمان والقرآن