[ بل هو كذاب أشر ] أى بل هو كاذب فى دعوى النبوة، متجاوز فى حد الكذب، متكبر بطر، يريد العلو علينا!! وإنما وصفوه بأنه [ أشر ] مبالغة منهم فى رفض دعواه، كأنهم قالوا : إنه كذب لا لضرورة وحاجة إلى الخلاص، كما يكذب الضعيف، وإنما تكبر وبطر وطلب الرياسة عليكم، وأراد أن تتبعوه فكذب على الله، فلا يلتفت إلى كلامه، لأنه جمع بين رذيلتين :(الكذب) و(التكبر)، وكل منهما مانع من اتباعه!! قال تعالى تهديدا لهم وردا لبهتانهم
[ سيعلمون غدا من الكذاب الأشر ] أى سيعلمون فى الآخرة هو الكذاب الأشر، هل هو صالح عليه السلام ؟ أم قومه المكذبون المجرمون ؟ قال الألوسي : المراد سيعلمون أنهم هم الكذابون الأشرون، لكن أورد ذلك مورد الإبهام، إيماء إلى أنه مما لايكاد يخفى
[ إنا مرسلوا الناقة فتنة لهم ] أي مخرجوا الناقة من الصخرة الصماء، محنة لهم واختبارا كما شاءوا وطلبوا، قال ابن كثير : أخرج الله لهم ناقة عظيمة عشراء، من صخرة صماء، طبق ما سألوا، لتكون حجة الله عليهم، في تصديق صالح عليه السلام فيما جاءهم به
[ فارتقبهم واصطبر ] أي فانتظرهم وتبصر ما يصنعون وما يصنع بهم ! ؟ واصبر على أذاهم فإن الله ناصرك عليهم
[ ونبئهم أن الماء قسمة بينهم ] أي وأعلمهم أن الماء الذي يمر بواديهم، مقسوم بين (ثمود) وبين (الناقة)، كقوله تعالى :[ لها شرب ولكم شرب يوم معلوم ] قال ابن عباس : إذا كان يوم شربهم لا تشرب الناقة شيئا من الماء وتسقيهم لبنا، وكانوا في نعيم، وإذا كان يوم الناقة شربت الماء كله فلم تبق لهم شيئا، وإنما قال تعالى :[ بينهم ] تغليبا للعقلاء
[ كل شرب محتضر ] أي كل نصيب وحصة من الماء، يحضرها من كانت نوبته، فإذا كان يوم الناقة حضرت شربها، وإذا كان يومهم حضروا شربهم
[ فنادوا صاحبهم فتعاطى فعقر ] أي فنادت قبيلة ثمود أشقى القوم، واسمه (قدار بن سالف ) لقتل الناقة، فتناول الناقة بسيفه فقتلها، غير مكترث بالأمر العظيم
[ فكيف كان عذابي ونذر ] أي فكيف كان عقابي وإنذاري لهم ؟ ألم يكن فظيعا شديدا ؟ !
[ إنا أرسلنا عليهم صيحة واحدة ] أي أهلكناهم بصيحة واحدة، صاح بها جبريل عليه السلام، فلم تبق منهم عين تطرف
[ فكانوا كهشيم المحتظر ] أي فصاروا هشيما متفتتا، كيابس الشجر إذا بلي وتحطم، وداسته الأقدام، قال الإمام الجلال :[ المحتظر ] هو الذي يجعل لغنمه (حظيرة) من يابس الشجر والشوك، يحفظهن فيها من الذئاب والسباع، وما سقط من ذلك فداسته فهو الهشيم
[ ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر ] أي يسرناه للحفظ والاتعاظ فهل من معتبر ؟.
قال الله تعالى :[ كذبت قوم لوط بالنذر.. ] إلى قوله [ عند مليك مقتدر ]. من آية (٣٣) إلى آية (٥٥) نهاية السورة الكريمة.
المناسبة :
لما ذكر تعالى المكذبين من قوم " عاد وثمود " ذكر هنا قوم لوط وقوم فرعون، وما حل بهم من العذاب والدمار، تذكيرا لكفار مكة بانتقام الله من أعدائه وأعداء رسله، وختم السورة الكريمة ببيان سنة الله في عقاب الكفرة المجرمين.
اللغة :
[ حاصبا ] الحاصب : الحجارة وقيل : هى الريح الشديدة التي تثير الحصباء وهي الحصى
[ بطشتنا ] عقابنا الشديد
[ الزبر ] الكتب السماوية جمع زبور وهو الكتاب الإلهى
[ أدهى ] أفظع من الداهية وهي الأمر المنكر العظيم
[ سعر ] خسران وجنون
[ سقر ] اسم من أسماء جهنم أعاذنا الله منها.
سبب النزول :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : جاء مشركو قريش يخاصمون رسول الله (ص)في القدر فنزلت [ يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر ] إنا كل شيء خلقناه بقدر ].
التفسير :
[ كذبت قوم لوط بالنذر ] أي كذبوا بالإنذارات التى أنذرهم بها نبيهم لوط عليه السلام


الصفحة التالية
Icon