[ بينهما برزخ لا يبغيان ] أي بينهما حاجز من قدرة الله تعالى، لا يطغى أحدهما على الآخر بالممازجة، قال ابن كثير : والمراد بالبحرين : الملح، والحلو، فالملح هذه البحار، والحلو هذه الأنهار السارحة بين الناس، وجعل الله بينهما برزخا، وهو الحاجز من الأرض، لئلا يبغي هذا على هذا، فيفسد كل واحد منهما الآخر (( مختصر تفسير ابن كثير، وهذا هو الصحيح أن المراد بهما : البحار، والأنهار، وهو من باب التغليب، ويدل على هذا القول، أن الله وصفهما بقوله ﴿وهو الذي مرج البحرين هذا عذب فرات سائغ شرابه، وهذا ملح أجاج ﴾ وليس على وجه الأرض كلها من البحار، ما هو حلو الماء، فتدبر ايات الذكر الحكيم، والله يرعاك ! )).
[ فبأي آلاء ربكما تكذبان ] أي فبأي نعم الله تكذبان ؟
[ يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان ] أي يخرج لكم من الماء اللؤلؤ والمرجان، كما يخرج من التراب الحب والعصف والريحان، قال الألوسي : واللؤلؤ صغار الدر، والمرجان كباره، قاله ابن عباس، وعن ابن مسعود أن المرجان : الخرز الأحمر، والآية بيان لعجائب صنع الله، حيث يخرج من الماء المالح أنواع الحلية، كالدر والياقوت والمرجان، فسبحان الواحد المنان
[ فبأي آلاء ربكما تكذبان ] أي فبأي نعمة من نعم الله تكذبان ؟
[ وله الجوار المنشآت في البحر كالأعلام ] أي وله جل وعلا السفن المرفوعات الجاريات في البحر، كالجبال في العظم والضخامة، قال القرطبي :[ كالأعلام ] أي كالجبال، والعلم الجبل الطويل، فالسفن في البحر كالجبال في البر، ووجه الامتنان بها أن الله تعالى سير هذه السفن الضخمة، التي تشبه الجبال على وجه الماء، وهو جسم لطيف مائع، يحمل فوقه هذه السفن الكبار، المحملة بالأرزاق والمكاسب والمتاجر، من قطر إلى قطر، ومن إقليم إلى إقليم، قال شيخ زاده : واعلم أن أصول الأشياء أربعة :(التراب، والماء، والهواء، والنار)، فبين تعالى بقوله [ خلق الإنسان من صلصال ] أن التراب أصل لمخلوق شريف مكرم، وبين بقوله :[ وخلق الجان من مارج من نار ] أن النار أيضا أصل لمخلوق آخر عجيب الشأن، وبين بقوله :[ يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان ] أن الماء أيضا أصل لمخلوق آخر، له قدر وقيمة، ثم ذكر أن الهواء له تأثير عظيم في جري السفن المشابهة للجبال، فقال :[ وله الجوار المنشآت في البحر كالأعلام ] وخص السفن بالذكر، لأن جريها في البحر لا صنع للبشر فيه، وهم معترفون بذلك، حيث كانوا يقولون :(لك الفلك ولك الملك ) وإذا خافوا الغرق دعوا الله تعالى خاصة [ مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون ]
[ فبأي آلاء ربكما تكذبان ] أي فبأي نعمة من نعم الله تكذبان ؟
[ كل من عليها فان ] أي كل من على وجه الأرض، من الإنسان والحيوان وكل ما له روح، هالك وسيموت


الصفحة التالية
Icon