[ فيؤخذ بالنواصي والأقدام ] أي فتأخذ الملائكة بنواصيهم، أي بشعور مقدم رءوسهم وأقدامهم، فيقذفونهم في جهنم، قال ابن عباس : يؤخذ بناصية المجرم وقدميه، فيكسر كما يكسر الحطب، ثم يلقى في النار
[ فبأي آلاء ربكما تكذبان ] تقدم تفسيره
[ هذه جهنم التي يكذب بها المجرمون ] أي يقال لهم تقريعا وتوبيخا : هذه النار التى أخبرتم بها فكذبتم، قال ابن كثير : أي هذه النار التي كنتم تكذبون بوجودها، ها هي حاضرة تشاهدونها عيانا
[ يطوفون بينها وبين حميم آن ] أي يترددون بين نار جهنم، وبين ماء حار بلغ النهاية في الحرارة، قال قتادة : يطوفون مرة بين الحميم، ومرة بين الجحيم، والجحيم النار، والحميم الشراب الذي انتهى حره
[ فبأي آلاء ربكما تكذبان ] أي فبأي نعم الله تكذبان يا معشر الإنس والجان ؟
قال الله تعالى :[ ولمن خاف مقام ربه جنتان.. ] إلى قوله [ تبارك اسم ربك ذي الجلال والإكرام ]. من آية (٤٦) إلى آية (٧٨) نهاية السورة الكريمة.
المناسبة :
لما ذكر تعالى أحوال أهل النار، ذكر ما أعده للمؤمنين الأبرار، من الجنان والولدان، والحور الحسان، ليتميز الفارق الهائل بين منازل المجرمين، ومراتب المتقين، على طريقة القرآن في الترغيب والترهيب.
اللغة :
[ أفنان ] جمع فنن وهو الغصن، قال الشاعر يصف حمامة : رب ورقاء هتوف في الضحى ذات شدو صدحت فى فنن ذكرت إنفا ودهرا خاليا فبكت شوقا فهاجت حزني
[ استبرق ] ما غلظ من الديباج وخشن
[ وجنى ] الجنى : ما يجتنى من الشجر ويقطف
[ يطمثهن ] الطمث : الجماع المؤدي إلى خروج دم البكر، ثم أطلق على كل جماع، ومعنى
[ لم يطمثهن ] أي لم يصبهن بالجماع قبل أزواجهن أحد، قال الفراء : الظمث : الافتضاض وهو النكاح بالتدمية
[ مدهامتان ] سوداوان من شدة الخضرة، والدهمة فى اللغة : السواد
[ نضاختان ] فوارتان بالماء لا تنقطعان
[ عبقري ] طنافس جمع عبقرية أي طنفسة ثخينة فيها أنواع النقوش قال الفراء : العبقري الطنافس الثخان منها وقال أبو عبيد : كل ثوب وشي عند العرب : فهو عبقري، منسوب إلى أرض يعمل فيها الوشي قال ذو الرمة : حتى كأن رياض القف ألبسها من وشي عبقر تجليل وتنجيد
التفسير :
[ ولمن خاف مقام ربه جنتان ] أي وللعبد الذي يخاف قيامه بين يدي ربه للحساب جنتان : جنة لسكنه، وجنة لأزواجه وخدمه، كما هي حال ملوك الدنيا، حيث يكون له قصر ولأزواجه قصر (( قال الفخر الرازي : لما قال تعالى في حق المجرم إنه يطوف بين نار، وبين حميم آن، قال في حق المؤمن الخائف :﴿ولمن خاف مقام ربه جنتان ﴾ وقد ذكر تعالى الجنة، والجنتين، والجنات فقال :﴿إن المتقين في جنات ﴾ وقال :﴿مثل الجنة التي وعد المتقون ﴾ فهي لإتصال أشجارها ومساكنها وعدم وقوع الفاصل بينها كمفازات وقفار صارت كجنة واحدة، ولسعتها وتنوع أشجارها وكثرة مساكنها كأنها جنات، ولإشتمالها على ما تلتذ به الروح والجسم كأنها جنتان )). قال القرطبي : وإنما كانتا اثنتين ليضاعف له السرور، بالتنقل من جهة الى جهة، قال الزمخشري : جنة لفعل الطاعات، وجنة لترك المعاصي، وفي الحديث :(جنتان من فضة آنيتهما وما فيهما، وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما، وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم عز وجل، إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن
[ فبأي آلاء ربكما تكذبان ] ثم وصف تعالى الجنتين فقال :
[ ذواتا أفنان ] أي ذواتا أغصان متفرعة وثمار متنوعة، قال في البحر : وخص الأفنان - وهي الغصون - بالذكر لأنها التى تورق وتثمر، ومنها تمتد الظلال، وتجنى الثمار
[ فبأي آلاء ربكما تكذبان ] أي فبأي نعم الله الجليلة تكذبان يا معشر الإنس والجن