[ جزاء بما كانوا يعملون ] أي جعلنا لهم ذلك كله، جزاء لعملهم الصالح في الدنيا.. ثم أخبر تعالى عن كمال نعيمهم في الجنة، فقال سبحانه :
[ لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما ] أي لا يطرق آذانهم فاحش الكلام، ولا يلحقهم إثم مما يسمعون، قال ابن عباس : لا يسمعون باطلا ولا كذبا
[ إلا قيلا سلاما سلاما ] أي إلا قول بعضهم لبعض سلاما سلاما، يحمي به بعضهم بعضا، ويفشون السلام فيما بينهم، قال في البحر : والظاهر أنه استثناء منقطع لأنه لم يندرج في اللغو ولا التأثيم وقال أبو السعود : والمعني : أنهم يفشون السلام، فيسلمون سلاما بعد سلام، أو لا يسمع كل منهم إلا سلام الآخر، بدءا أو ردا.. ثم شرع في تفصيل أحوال الصنف الثاني وهم أصحاب اليمين فقال :
[ وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين ] ؟ استفهام للتعظيم والتعجيب من حالهم، أي ما أدراك من هم، وما هي حالهم ؟
[ في سدر مخضود ] أي هم تحت أشجار النبق، الذي قطع شوكه، قال المفسرون : والسدر : شجر النبق، والمخضود الذي خضد أي قطع شوكه، وفي الحديث :(أن أعرابيا جاء إلى رسول الله (ص)فقال يا رسول الله : آن آلله تعالى ذكر في الجنة شجرة تؤذي صاحبها، فقال : وما هي ؟ قال : السدر، فإن له شوكا، فقال رسول الله (ص) : أليس الله يقول :[ في سدر مخضود ] ؟ خضد الله شوكه، فجعل مكان كل شوكة ثمرة، وإن الثمرة من ثمره، تفتق عن اثنين وسبعين لونا من الطعام، ما فيها لون يشبه الآخر)
[ وطلح منضود ] هو شجر الموز، ومعنى [ منضود ] أي متراكم، قد نضد بالحمل من أسفله إلى أعلاه
[ وظل ممدود ] أي وظل دائم باقي، لا يزول ولا تنسخه الشمس، لأن الجنة ظل كلها، لا شمس فيها [ لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا ] وفي الحديث :(إن فى الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مالة عام لا يقطعها، واقرءوا إن شئتم [ وظل ممدود ] وقال الرازي : ومعنى [ ممدود ] أي لا زوال له فهو دائم كما قال تعالى [ أكلها دائم وظلها ] أي دائم، والظل ليس ظل الأشجار، بل ظل يخلقه الله تعالى
[ وماء مسكوب ] أي وماء جار دائما لا ينقطع، يجري في غير أخدود، قال القرطبي : كانت العرب أصحاب بادية، والأنهار في بلادهم عزيزة، لا يصلون إلى الماء، إلا بالدلو والرشاء، فوعدوا بالجنة بأسباب النزهة، وهي الأشجار وظلالها، والمياه والأنهار وجريانها
[ وفاكهة كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة ] أي وفاكهة كثيرة متنوعة، ليست بالقليلة العزيزة، كما كانت في بلادهم، ولا تنقطع كما تنقطع ثمار الدنيا في الشتاء، وليست ممنوعة عن أحد، قال ابن عباس : لا تنقطع إذا جنيت، ولا تمتنع من أحد إذا أراد أخذها وفي الحديث :(ما قطعت ثمرة من ثمار الجنة، إلا عاد مكانها أخرى)
[ وفرش مرفوعة ] أي عالية وطيئة ناعمة، وفي الحديث :(ارتفاعها كما بين السماء والأرض، ومسيرة ما بينهما خمس مائة عام ) قال الألوسي : ولا تستبعد هذا من حيث العروج والنزول، فالعالم عالم آخر، فوق طور عقلك تنخفض للمؤمن إذا أراد الجلوس عليها ثم ترتفع به، والله على كل شيء قدير
[ إنا أنشأناهن إنشاء ] أي خلقنا نساء الجنة خلقا جديدا، وأبدعناهن إبداعا عجيبا، قال فى التسهيل : ومعنى إنشاء النساء، أن الله تعالى يخلقهن في الجنة، خلقا آخر في غاية الحسن بخلاف الدنيا، فالعجوز ترجع شابة، والقبيحة ترجع جميلة قال ابن عباس : يعني الآدميات العجائز الشمط، خلقهن الله بعد الكبر والهرم خلق آخر
[ فجعلناهن أبكارا ] أي فجعلناهن عذارى، كلما أتاهن أزواجهن وجدوهن أبكارا