[ الغرور ] الشيطان وكل من خدع فهو غار وغرور.
التفسير :
[ سبح لله ما في السموات والأرض ] أي مجد الله ونزهه عن السوء، كل ما في الكون، من إنسان، وحيوان، ونبات، وجماد، قال الصاوي : والتسبيح تنزيه المولى عن كل ما لا يليق به، قولا، وفعلا، واعتقادا، من سبح في الأرض والماء، إذا ذهب وأبعد فيهما، وتسبيح العقلاء بلسان المقال، وتسبيح الجماد بلسان الحال، أي أن ذاتها دالة على تنزيه صانعها عن كل نقص، وقيل بلسان المقال أيضا وهو الأصح، لقوله تعالى [ ولكن لا تفقهون تسبيحهم ] وقال الخازن : تسبيح العقلاء تنزيه الله عز وجل عن كل سوء، وعما لا يليق بجلاله، وتسبيح غير العقلاء من ناطق وجماد اختلفوا فيه، فقيل : تسبيحه دلالته على صانعه، فكأنه ناطق بتسبيحه، وقيل : تسبيحه بالقول، ويدل عليه قوله تعالى :[ وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم ] أي لا تفهمون كلامهم، والحق أن التسبيح هو القول الذي لا يصدر إلا من العاقل، العارف بالله تعالى، وما سوى العاقل ففي تسبيحه وجهان : أحدهما : أنها تدل على تعظيمه وتنزيهه والثاني : أن جميع الموجودات بأسرها منقادة له يتصرف فيها كيف يشاء، فإن حملنا التسبيح على القول كان المراد بقوله :[ سبح له ما في السموات والأرض ] الملائكة والمؤمنون العارفون بالله، وإن حملنا التسبيح على التسبيح المعنوي، فجميع أجزاء السموات وما فيها من شمس، وقمر، ونجوم وغير ذلك وجميع ذرات الأرضين وما فيها من جبال، وبحار، وشجر، ودواب، وغير ذلك، كلها مسبحة خاشعة، خاضعة لجلال عظمة الله، منقادة له، يتصرف فيها كيف يشاء، فإن قيل : قد جاء في بعض فواتح السور [ سبح لله ] بلفظ الماضي، وفي بعضها [ يسبح لله ] بلفظ المضارع، فما المراد ؟ قلت : فيه إشارة إلى كون جميع الأشياء، مسبحة لله أبدا، والتسبيح غير مختص بوقت دون وقت، بل هي كانت مسبحة أبدا في الماضي، وستكون مسبحة أبدا في المستقبل
[ وهو العزيز الحكيم ] أي وهو الغالب على أمره، الذي لا يمانعه ولا ينازعه شيء، الحكيم في أفعاله الذي لا يفعل إلا ما تقتضيه الحكمة والمصلحة.. ثم ذكر تعالى طرفا من بيان عظمته وقدرته فقال :
[ له ملك السموات والأرض يحيي ويميت ] أي هو جل وعلا المالك المتصرف في خلقه، يحيى من يشاء، ويميت من يشاء، قال القرطبي : يميت الأحياء في الدنيا، ويحي الأموات، للبعث والنشور
[ وهو على كل شيء قدير ] أي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، ولفظ [ قدير ] مبالغة في القادر، لأن " فعيل " من صيغ المبالغة
[ هو الأول والآخر ] أي ليس لوجوده بداية، ولا لبقائه نهاية
[ والظاهر والباطن ] أي الظاهر للعقول بالأدلة والبراهين الدالة على وجوده، الباطن الذي لا تدركه الأبصار، ولا تصل العقول إلى معرفة كنه ذاته وفي الحديث :(أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء قال شيخ زاده : وقد فسر صاحب الكشاف (الباطن) بأنه غير المدرك بالحواس، وهو تفسير بحسب التشهي، يزيد مذهبه من استحالة رؤية الله في الآخرة، والحق أنه تعالى ظاهر بوجوده، باطن بكنهه، وأنه تعالى جامع بين الوصفين، أولا وأبدا
[ وهو بكل شيء عليم ] أي هو تعالى عالم بكل ذرة في الكون، لا يعزب عن علمه شيء، في الأرض ولا في السماء
[ هو الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ] أي خلقهما في مقدار ستة أيام، ولو شاء لخلقهما بلمح البصر، وهو تحقيق لعزته، وكمال قدرته، كما أن قوله :[ يعلم ما يلج في الأرض ] تحقيق لحكمته، وكمال علمه


الصفحة التالية
Icon