[ لعلكم تعقلون ] أي لكي تعقلوا وتتدبروا ما أنزل الله في القرآن
[ إن المصدقين والمصدقات وأقرضوا الله قرضا حسنا ] أي الذين تصدقوا بأموالهم على الفقراء ابتغاء وجه الله، والذين أنفقوا في سبيل الله، وفى وجوه البر والإحسان، طيبة بها نفوسهم
[ يضاعف لهم ولهم أجر كريم ] أي يضاعف لهم ثوابهم، بأن تكتب الحسنة بعشر أمثالها، ولهم فوق ذلك ثواب حسن جزيل وهو الجنة، قال المفسرون : أصل [ المصدقين ] المتصدقين أدغمت التاء في الصاد فصارت المصدقين، ومعنى القرض الحسن : هو التصدق عن طيب النفس، وخلوص النية للفقير، فكان الإنسان بإحسانه إلى الفقير، قد أقرض الله قرضا يستحق عليه الوفاء في دار الجزاء
[ والذين آمنوا بالله ورسله ] أي صدقوا بوحدانية الله ووجوده، وآمنوا برسله إيمانا راسخا كاملا، لا يخالجه شك ولا ارتياب
[ أولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم ] أي أولئك الموصوفون بالإيمان بالله ورسله، هم الذين جمعوا أعلى المراتب، فحازوا درجة الصديقية والشهادة في سبيل الله، قال مجاهد : كل من آمن بالله ورسله فهو صديق وشهيد
[ لهم أجرهم ونورهم ] أي لهم في الآخرة الثواب الجزيل، والنور الذي يسعى ببن أيديهم وبأيمانهم
[ والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم ] أي والذين جحدوا بوحدانية الله وكذبوا بآياته، أولئك هم المخلدون في دار الجحيم، قال البيضاوي : فيه دليل على أن الخلود في النار مخصوص بالكفار، من حيث إن الصيغة تشعر بالاختصاص [ أولئك أصحاب الجحيم ] والصحبة تدل على الملازمة.. ولما ذكر أحوال المؤمنين والكافرين، ذكر بعده ما يدل على حقارة الدنيا، وكمال حال الآخرة، فقال سبحانه :
[ اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ] أي اعلموا يا معشر السامعين، أن هذه الحياة الدنيا ما هي إلا لعب، يتعب الناس فيها أنفسهم، كإتعاب الصبيان أنفسهم باللعب
[ ولهو ] أي وشغل للإنسان يشغله عن الآخرة وطاعة الله
[ وزينة ] أي وزينة يتزين بها الجهلاء، كالملابس السنة، والمراكب البهية، والمنازل الرفيعة
[ وتفاخز بينكم ] أي ومباهاة وافتخار بالأحساب والأنساب، والمال والولد، كما قال القائل : أرى أهل القصور إذا أميتوا بنوا فوق المقابر بالصخور أبوا إلا مباهاة وفخرا على الفقراء حتى في القبور
[ وتكاثر في الأموال والأولاد ] أي مباهاة بكثرة الأموال والأولاد، قال ابن عباس : يجمع المال من سخط الله، ويتباهى به على أولياء الله، ويصرقه في مساخط الله، فهو ظلمات بعضها فوق بعض
[ كمثل غيث أعجب الكفار نباته ] أي كمثل مطر غزير أصاب أرضا، فأعجب الزراع نباته الناشىء عنه
[ ثم يهيج فتراه مصفرا ] أي ثم ييبس بعد خضرته ونضرته، فتراه مصفر اللون بعد أن كان زاهيا ناضرا
[ ثم يكون حطاما ] أي ثم يتحطم ويتكسر بعد يبسه وجفاقه، فيصبح هشيما تذروه الرياح، كذلك حال الدنيا، قال القرطبي : والمراد بالكفار هنا الزراع، لأنهم يغطون البذر، ومعنى الآية أن الحياة الدنيا كالزرع يعجب الناظرين إليه، لخضرته بكثرة الأمطار، ثم لا يلبث أن يصير هشيما كأن لم يكن، وإذا أعجب الزراع فهو في غاية الحسن
[ وفي الأخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان ] أي والجزاء في الآخرة، إما عذاب شديد للفجار، وإما مغفرة من الله ورضوان للأبرار


الصفحة التالية
Icon