[ يسبح له ما في السموات والأرض ] أي ينزهه تعالى عن صفات العجز والنقص، جميع ما في الكون بلسان الحال أو المقال، قال الصاوي : ختم السورة بالتسبيح كما ابتدأها به إشارة إلى أنها المقصود الأعظم، والمبدأ والنهاية، وأن غاية المعرفة بالله، تنزيه عظمته عما صورته العقول
[ وهو العزيز الحكيم ] أي العزيز في ملكه، الحكيم في خلقه وصنعه.
البلاغة :
تضمنت السورة الكريمة وجوها من البيان والبديع نوجزها فيما يلي :
١ - طباق السلب [ ما ظننتم أن يخرجوا وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله ].
٢ - المقابلة اللطيفة بين [ وما آتاكم الرسول فخذوه ] وبين [ وما نهاكم عنه فانتهوا ].
٣ - وضع الضمير بين المبتدأ والخبر لإفادة الحصر [ أولئك هم الصادقون ].
٤ - الاستعارة اللطيفة [ تبوءو الدار والإيمان ] شبه الإيمان المتمكن في نفوسهم، بمنزل ومستقر للإنسان نزل فيه، وتمكن منه حتى صار منزلا له، وهو من لطيف الاستعارة.
٥ - الاستفهام الذي يراد به الإنكار والتعجيب [ ألم تر إلى الذين نافقوا.. ] الآية.
٦ - الطباق بين جميعا وشتى في قولهم :[ تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ].
٧ - التشبيه التمثيلي [ كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر.. ] لأن وجه الشبه منتزع من متعدد.
٨ - الكناية اللطيفة [ ولتنظر نفس ما قدمت لغد ] كنى عن القيامة بالغد لقربها.
٩ - الطباق بين [ الغيب.. والشهادة ] وبين [ الجنة.. والنار ] ا لخ.
لطيفة :
أخرج الشيخان عن أبي هريرة رضى الله عنه قال :" جاء رجل إلى رسول الله (ص) فقال يا رسول الله : إني مجهود - أي اشتد بي الجوع والفاقة - فأرسل إلى بعض نسائه يسألها هل عندك شيء ؟ فقالت : والذي بعثك بالحق ما عندي إلا الماء، ثم أرسل إلى أخرى فقالت مثل ذلك، وقلن كلهن مثل ذلك، فقال رسول الله (ص) : من يضيفه هذه الليلة يرحمه الله ؟ فقام رجل من الأنصار يقال له " أبو طلحة " فقال : أنا يا رسول الله !! فانطلق به إلى رحله -أي إلى منزله -فقال لها : هذا ضيف رسول الله (ص) لا تدخري عنه شيئا واكرميه، فقالت : ما عندي إلا قوت الصبيان، فقال علليهم بشيء ونوميهم، فإذا دخل ضيفنا فأريه أنا نأكل ثم قومي إلى السراج كي تصلحيه فأطفئيه، ففعلت فقعدوا وأكل الضيف وبالا طاوين، فلما أصبح غدا على رسول الله (ص) فلما نظر إليه رسول الله (ص)تبسم، ثم قال : لقد عجب الله من صنيعكما الليلة بصاحبكما!! وأنزل الله هذه الآية [ ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة.. ] الآية.


الصفحة التالية
Icon