[ ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن ] أي لا تنسب إلى زوجها ولدا " لقيطا " ليس منه، تقول له : هذا ولدي منك، قال المفسرون : كانت المرأة إذا خافت مفارقة زوجها لها لعدم الحمل، التقطت ولدا ونسبته له ليبقيها عنده، فالمراد بالآية اللقيط، وليس المراد الزنى لتقدمه في النهي صريحا قال ابن عباس : لا تلحق بزوجها ولدا ليس منه، وقال الفراء : كانت المرأة تلتقط المولود فتقول لزوجها : هذا ولدي منك، وإنما قال :[ يفترينه بين أيديهن وأرجلهن ] لأن الولد إذا وضعته الأم سقط بين يديها ورجليها
[ ولا يعصينك في معروف ] أي ولا يخالفن أمرك فيما أمرتهن به من معروف، أو نهيتهن عنه من منكر، بل يسمعن ويطعن
[ فبايعهن واستغفر لهن الله ] أي فبايعهن يا محمد على ما تقدم من الشروط، واطلب لهن من الله الصفح والغفران لما سلف من الذنوب
[ إن الله غفور رحيم ] أي واسع المغفرة عظيم الرحمة، قال أبو حيان : كانت " بيعة النساء " في ثاني يوم الفتح على جبل الصفا، بعدما فرغ من بيعة الرجال، وكان رسول الله (ص) على الصفا وعمر أسفل منه، يبايعهن بأمره ويبلغهن عنه، وما مست يده عليه الصلاة والسلام يد امرأة أجنبية قط، وقالت " أسماء بنت السكن " :" كنت في النسوة المبايعات، فقلت يا رسول الله (ص) أبسط يدك نبايعك، فقال لي (ص) :" إني لا أصافح النساء، لكن أخذ عليهن ما أخذ الله عليهن " وكانت " هند بنت عتبة " - وهي التي شقت بطن حمزة يوم أحد - متنكرة في النساء، فلما قرأ عليهن الآية [ على ألا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ] قألت وهي متنكرة يا رسول الله : إن أبا سفيان رجل شحيح، وإني لأصيب الهنة - أي القليل وبعض الشىء - من ماله، لا أدري أيحل لي ذلك أم لا ؟ فقال أبو سفيان : ما أصبت من شيء فيما مضى وفيما غبر فهو لك حلال، فضحك رسول الله (ص) وعرفها فقال لها : وإنك لهند بنت عتبة ؟ قالت : نعم، فاعف عما سلف يا نبى الله، عفا الله عنك، فلما قرأ [ ولا يزنين ] قالت : أو تزني الحرة ؟ فلما قرأ [ ولا يقتلن أولادهن ] قالت : ربيناهم صغارا وقتلتهم كبارا، فأنتم وهم أعلم - وكان ابنها حنظلة قد قتل يوم بدر- فضحك عمر حتى استلقى، وتبسم رسول الله (ص) فلما قرأ [ ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن ] قالت هند : والله إن البهتان لأمر قبيح، ولا يأمر الله إلا بالرشد ومكارم الأخلاق، فلما قرأ [ ولا يعصينك في معروف ] قالت : والله ما جلسنا مجلسنا هذا وفي أنفسنا أن نعصيك في شيء وأخرج الإمام أحمد عن " أميمة بنت رقيقة " - أخت السيدة خديجة وخالة فاطمة الزهراء - قالت :" أتيت رسول الله (ص) في نساء لنبايعه، فأخذ علينا ما في القرآن [ ألا نشرك بالله شيئا ] الآية وقال :" فيما استطعتن وأطقتن " فقلنا : الله ورسوله ارحم بنا من أنفسنا، قلنا يا رسول الله : ألا تصافحنا ؟ قال :" اني لا أصافح النساء، إنما قولي لامرأة واحدة قولي لمائة امرأة "
[ يا أيها الذين آمنوا لا تتولوا قوما غضب الله عليهم ] أي لا تصادقوا يا معشر المؤمنين الكفرة أعداء الدين، ولا تتخذوهم أحباء وأصدقاء توالونهم، وتأخذون بآرائهم، فإنهم قوم غضب الله عليهم ولعنهم، قال الحسن البصري : هم اليهود لقوله تعالى :[ غير المغضوب عليهم ] وقال ابن عباس : هم كفار قريش لأن كل كافر عليه غضب من الله، والظاهر أن الآية عامة كما قال ابن كثير : يعني اليهود والنصارى وسائر الكفار، ممن غضب الله عليه ولعنه
[ قد يئسوا من الآخرة ] أي أولئك الفجار الذين يئسوا من ثواب الآخرة ونعيمها