[ ولو كره المشركون ] أي ولو كره ذلك أعداء الله، المشركون بالله الجاهلون، قال أبو السعود : ولقد أنجز الله وعده بإعزاز دين الإسلام، حيث جعله بحيث لم يبق دين من الأديان، إلا وهو مغلوب مقهور بدين الإسلام.
قال الله تعالى :[ ياأيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة.. ] إلى قوله [ فأصبحوا ظاهرين ]. من اية (١٠)إلى آية(١٤) نهاية السورة الكريمة.
المناسبة :
لما بين تعالى أن المشركين يريدون إطفاء نور الله، أمر المؤمنين بمجاهدة أعداء الدين، ودعاهم إلى التضحية بالمال والنفس، والجهاد في سبيل الله، لإعلاء كلمة الله، وبين لهم أنها التجارة الرابحة لمن أراد سعادة الدارين.
اللغة :
[ تنجيكم ] تخلصكم وتنقذكم
[ الحواريون ] الأصفياء والخواص من أتباع عيسى، وهم الذين ناصروا المسيح عليه السلام
[ أيدنا ] قوينا وساندنا
[ ظاهرين ] غالبين بالحجة والبرهان.
سبب النزول :
روي أن بعض الصحابة قالوا يا نبى الله : لوددنا أن نعلم، أفي التجارات أحب إلى الله ؟ فنتجر فيها !! فنزلت :[ ياأيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تتجيكم من عذاب أليم ] ؟ الآيات.
التفسير :
[ يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة ] أي يا من صدقتم الله ورسوله، وآمنتم بربكم حق الإيمان، هل أدلكم على تجارة رابحة جليلة الشأن ؟ والاستفهام للتشويق
[ تنجيكم من عذاب أليم ] أي تخلصكم وتنقذكم من عذاب شديد مؤلم.. ث بين تلك التجارة ووضحها فقال :
[ تؤمنون بالله ورسوله ] أي تعتقدون بالله، وتؤمنون به إيمانا صادقا، لا يثوبه شك ولا نفاق
[ وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ] أي وتجاهدون أعداء الدين، بالمال والنفس، لإعلاء كلمة الله، قال المفسرون : جعل الإيمان والجهاد في سبيله " تجارة " تشبيها لهما بالتجارة، فإنها عبارة عن مبادلة شيء بشيء، طمعا في الربح، ومن آمن وجاهد بماله ونفسه، فقد بذل ما عنده وما في وسعه، لنيل ما عند ربه من جزيل ثوابه، والنجاة من أليم عقابه، فشبه هذا الثواب والنجاة من العذاب بالتجارة، كقوله تعالى :[ إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة ] قال الإمام الفخر : والجهاد ثلاثة أنواع :
١- جهاد فيما بينه وبين نفسه، وهو قهر النفس ومنعها عن اللذات والشهوات.
٢- وجهاد فيما بينه وبين الخلق، وهو أن يدع الطمع منهم ويشفق عليهم ويرحمهم.
٣- وجهاد أعداء الله بالنفس والمال، نصرة لدين الله.
[ ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون ] أي ما أمرتكم به من الإيمان، والجهاد في سبيل الله، خير لكم من كل شيء في هذه الحياة، إن كان عندكم فهم وعلم
[ يغفر لكم ذنوبكم ] هذا جواب الجملة الخبرية [ تؤمنون بالله ورسوله ] لأن معناها معنى الأمر أي آمنوا بالله وجاهدوا في سبيله، فإذا فعلتم ذلك [ يغفر لكم ذنويكم ] أي يسترها عليكم، ويمحها بفضله عنكم
[ ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ] أي ويدخلكم حدائق وبساتين، تجري من تحت قصورها أنهار الجنة
[ ومساكن طيبة في جنات عدن ] أي ويسكنكم في قصور رفيعة في جنات الإقامة
[ ذلك الفوز العظيم ] أي ذلك الجزاء المذكور هو الفوز العظيم، الذي لا فوز وراءه، والسعادة الدائمة الكبيرة، التي لا سعادة بعدها
[ وأخرى تحبونها ] أي ويمن عليكم بخصلة أخرى تحبونها وهي
[ نصر من الله وفتح قريب ] أي أن ينصركم الله، على أعدائكم، ويفتح لكم مكة، وقال ابن عباس : يريد فتح فارس والروم
[ وبشر المؤمنين ] أي وبشر يا محمد المؤمنين، بهذا الفضل المبين، قال في البحر : لما ذكر تعالى ما يمنحهم من الثواب في الآخرة، ذكر لهم ما يسرهم في العاجلة، وهي ما يفتح الله عليهم من البلاد، فهذه هي خير الدنيا موصول بنعيم الآخرة