[ عتت عن أمر ربها ورسله ] أي طغت وتمردت على أوامر الله وأوامر رسله
[ فحاسبناها حسابا شديدا ] أي فجازيناها على عصيانها وطغيانها بأنواع العذاب الأليم، من الجوع، والقحط، وعذاب الاستئصال
[ وعذبناها عذابا نكرا ] أي عذابا منكرا عظيما يفوق التصور
[ فذاقت وبال أمرها ] أي فذاقت عاقبة كفرها وطغيانها وتمردها على أوامر الله
[ وكان عاقبة أمرها خسرا ] أي وكانت نتيجة بغيها الهلاك والدمار، والخسران الذي ما بعده خسران.. ولما ذكر ما حل بالأمم الطاغية، أمر المؤمنين بتقوى الله، تحذيرا من عقابه، لئلا يصيبهم ما أصاب أولئك المجرمين، فقال سبحانه
[ أعد الله لهم عذابا شديدا ] أي هيأ الله لهم فى الآخرة عذاب جهنم الشديد المؤبد
[ فاتقوا الله يا أولي الألباب ] أي فخاقوا الله واحذروا بطشه وانتقامه، يا أصحاب العقول السليمة
[ الذين آمنوا ] أي أنتم يا معشر المؤمنين، الذين صدقتم بالله ورسوله
[ قد أنزل الله إليكم ذكرا ] آي قد أنزل الله إليكم وحيا يتلى وهو القرآن الحكيم (( اختار بعض المفسرين أن المراد بالذكر هو الرسول (ص) بدليل أنه أبدل منه قوله :﴿رسولا يتلوا﴾ واليه ذهب الطبري وأبو السعود، وما ذكرناه هو ارجح الأقوال أن المراد بالذكر " القرآن " وبالرسول محمد (ص) وهو منصوب بفعل محذوف تقديره وأرسل رسولا، وهو اختيار ابن عطية وصاحب البحر المحيط، وهو الأصح والأرجح والله أعلم )).
[ رسولا يتلوا عليكم آيات الله مبينات ] أي وأرسل إليكم رسولا وهو محمد (ص) يقرأ عليكم آيات الله، واضحات جليات، تبين الحلال والحرام، وما تحتاجون إليه من الأحكام قال في البحر : والظاهر أن الذكر هو القرآن، وأن الرسول هو محمد (ص)
[ ليخرج الذين آمنوا وعملوا الصالحات من الظلمات إلى النور ] أي ليخرج المؤمنين المتقين، من الضلالة إلى الهدى، ومن ظلمة الكفر والجهل إلى نور الإيمان والعلم
[ ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا ] أي ومن يصدق بالله ويعمل بطاعته
[ يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار ] أي يدخله في الآخرة جنات النعيم، تجري من تحت قصورها أنهار الجنة
[ خالدين فيها أبدا ] أي ماكثين فى تلك الجنان - جنان الخلد - أبدا، لا يخرجون منها ولا يموتون
[ قد أحسن الله له رزقا ] أي قد طيب الله رزقهم في الجنة، ووسعه لهم، لأن نعيمها دائم لا ينقطع، قال الطبري : أي وسع لهم في الجنات الرزق، وهو ما رزقهم من المطاعم والمشارب، وسائر ما أعد لأوليائه فيها فطيبه لهم، وفي الآية معنى التعجب، والتعظيم لما رزق الله المؤمن من الثواب ؟ أي ما أطيبه من رزق، وما أكرمه من ثواب ؟.. ثم أشار تعالى إلى آثار قدرته، وعظيم سلطانه وجلاله فقال
[ الله الذي خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن ] أي الله العظيم الكبير هو الذي خلق بقدرته سبع سموات طباقا ومن الأرض كذلك خلق سبع أرضين بعضها فوق بعض، بدون فتوق، بخلاف السموات (( لا خلاف بين العلماء أن السموات سبع، وأما الأرض فاختلف فيها فقيل : إنها سبع أرضين لظاهر الآية وللحديث الصحيح (من ظلم قيد شبر من أرض طوقه من سبع أرضين ) وقيل : إنها أرض واحدة وأن المماثلة ليست في العدد وإنما هي في الخلق والإبداع أي مثلهن في الإبداع والإحكام، لأن السموات تجمع في كثير من الآيات، والأرض تفرد دائما ﴿الله الذي خلق السموات والأرض ﴾ وكقوله سبحانه ﴿ألم تر أن الله خلق السموات والأرض بالحق ﴾ والأول أظهر، والله أعلم ))
[ يتنزل الأمر بينهن ] أي يتنزل وحي الله، ويجري أمره وقضاؤه، بين السموات والأرضين
[ لتعلموا أن الله على كل شيء قدير ] أي لتعلموا أن من قدر على خلق ذلك، قادر على كل شيء
[ وأن الله قد أحاط بكل شيء علما ] أي ولتعلموا أنه تعالى عالم بكل شىء، لاتخفى عليه خافية.