[ وأعتدنا لهم عذاب السعير ] أي وهيأنا وأعددنا للشياطين في الآخرة - بعد الإحراق بالشهب في الدنيا - العذاب المستعر، وهو النار الموقدة
[ وللذين كفروا بربهم عذاب جهنم ] أي وللكافرين بربهم، عذاب جهنم أيضا، فليس العذاب مختصا بالشياطين، بل هو لكل كافر بالله من الإنس والجن
[ وبئس المصير ] أي وبئست النار مرجعا ومصيرا للكافرين.. ثم وصف تعالى جهنم وما فيها من العذاب والأهوال والأغلال، فقال سبحانه
[ إذا ألقوا فيها ] أي إذا قذفوا وطرحوا في جهنم، كما يطرح الحطب فى النار العظيمة
[ سمعوا لها شهيقا ] أي سمعوا لجهنم صوتا منكرا فظيعا كصوت الحمار، لشدة توقدها وغليانها قال ابن عباس : الشهيق لجهنم عند إلقاء الكفار فيها، تشهق إليهم شهقة البغلة للشعير، ثم تزفر زفرة لا يبقى أحد إلا خاف
[ وهي تفور ] أي وهي تغلى بهم كما يغلي المرجل - القدر - من شدة اللهب، ومن شدة الغضب، قال مجاهد : تفور بهم كما يفور الحب القليل في الماء الكثير
[ تكاد تميز من الغيظ ] أي تكاد جهنم تتقطع وينفصل بعضها من بعض، من شدة غيظها وحنقها على أعداء الله
[ كلما ألقي فيها فوج ] أي كلما طرح فيها جماعة من الكفرة
[ سألهم خزنتها ] أي سألتهم الملائكة الموكلون على جهنم - وهم الزبانية - سؤال. توبيخ وتقريع
[ ألم يأتكم نذير ] أي ألم يأتكم رسول ينذركم ويخوفكم من هذا اليوم الرهيب ؟ قال المفسرون : وهذا السؤال زيادة لهم في الإيلام، ليزدادوا حسرة فوق حسرتهم، وعذابا فوق عذابهم
[ قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا ] أي أجابوا نعم لقد جاءنا رسول منذر، وتلا علينا آيات الله، ولكننا كذبناه وأنكرنا رسالته
[ وقلنا ما نزل الله من شيء ] أي وقلنا إمعانا في التكذيب وتماديا في التنكير : ما انزل الله شيئا من الوحي على أحد، قال الرازي : هذا اعتراف منهم بعدل الله، واقرار بأن الله أزاح عللهم ببعثة الرسل الكرام، ولكنهم كذبوا الرسل وقالوا ما نزل الله من شيء
[ إن أنتم إلا في ضلال كبير ] هذا من تتمة كلام الكفار أي ما أنتم يا معشر الرسل إلا في بعد عن الحق، وضلال واضح عميق
[ وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ] أي وقال الكفار : لو كانت لنا عقول ننتفع بها أو كنا نسمع سماع طالب للحق، ملتمس للهدى
[ ما كنا في أصحاب السعير ] أي ما كنا نستوجب الخلود في جهنم
[ فاعترفوا بذنبهم ] أي فأقروا بإجرامهم وتكذيبهم للرسل
[ فسحقا لأصحاب السعير ] أي فبعدا وهلاكا لأهل النار، قال ابن كثير : عادوا على أنفسهم بالملامة، وندموا حيث لا تنفعهم الندامة، والجملة دعائية أي أبعدهم الله من رحمته وسحقهم سحقا.. ثم لما ذكر حال الأشقياء الكفار، أتبعه بذكر حال السعداء الأبرار، فقال سبحانه
[ إن الذين يخشون ربهم بالغيب ] أي يخافون ربهم مع أنهم لم يروه، ويكفون عن المعاصي طلبا لمرضاة الله
[ لهم مغفرة وأجر كبير ] أي لهم عند الله مغفرة عظيمة لذنوبهم، وثواب جزيل لا يعلم قدره غير الله تعالى
[ وأسروا قولكم أو اجهروا به ] الخطاب لجميع الخلق أي أخفوا قولكم وكلامكم أيها الناس، أو أعلنوه وأظهروه !! فسواء أخفيتموه أو أظهرتموه فإن الله يعلمه
[ إنه عليم بذات الصدور ] أي لأنه تعالى العالم بالخفايا والنوايا، يعلم ما يخطر في القلوب، وما توسوس به الصدور، قال ابن عباس : نزلت في المشركين كانوا ينالون من رسول الله (ص) فيخبره جبريل بما قالوا، فقال بعضهم لبعض : أسروا قولكم حتى لا يسمع إله محمد فيطلعه على ما نقول !! فأخبره الله أنه لا تخفى عليه خافية
[ ألا يعلم من خلق ] ؟ أي ألا يعلم الخالق مخلوقاته ؟ كيف لا يعلم من خلق الأشياء وأوجدها، سر المخلوق وجهره ؟


الصفحة التالية
Icon