[ فلما رأوه زلفة ] أي فلما رأوا العذاب قريبا منهم، وعاينوا أهوال القيامة
[ سيئت وجوه الذين كفروا ] أي ظهرت على وجوههم آثار الاستياء، فعلتها الكآبة والغم والحزن، وغشيها الذل والانكسار، قال في البحر : أي ساءت رؤية العذاب وجوههم، وظهر فيها السوء والكآبة، كمن يساق إلى القتل
[ وقيل هذا الذي كنتم به تدعون ] أي وقالت لهم الملائكة توبيخا وتبكيتا : هذا الذين كنتم تطلبونه في الدنيا وتستعجلونه استهزاء وتكذيبا
[ قل أرأيتم إن أهلكني الله ومن معي أو رحمنا ] أي قل يا محمد لهؤلاء المشركين الذين يتمنون هلاكك : أخبروني إن أماتنى الله ومن معى من المؤمنين، أو رحمنا بتأخير آجالنا
[ فمن يجير الكافرين من عذاب أليم ] أي فمن يحميكم من عذاب الله الأليم، ووضع لفظ [ الكافرين ] عوضا عن الضمير " يجيركم " تشنيعا وتسجيلا عليهم بالكفر، قال المفسرون : كان الكفار يتمنون هلاك النبي (ص) والمسلمين، فأمره الله أن يقول لهم : إن أهلكنى الله بالإماتة، وأهلك من معي، فأي راحة وأي منفعة لكم فيه، ومن الذي يجيركم من عذاب الله إذا نزل بكم ؟ هل تظنون أن الأصنام تختصكم ؟ وتنقذكم من العذاب الأليم
[ قل هو الرحمن آمنا به وعليه توكلنا ] أي قل لهم : آمنا بالله الواحد الأحد، وعليه اعتمدنا في جميع أمورنا، لا على الأموال والرجال
[ فستعلمون من هو في ضلال مبين ] أي فسوف تعلمون عن قريب، من هو في الضلالة نحن أم أنتم ؟ وفيه تهديد للمشركين
[ قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا ] أي قل لهم يا محمد : أخبرونى إذا صار الماء غائرا، ذاهبا في أعماق الأرض، بحيث لا تستطيعون إخراجه
[ فمن يأتيكم بماء معين ] أي فمن الذي يخرجه لكم، حتى يكون ظاهرا جاريا على وجه الأرض ؟ هل يأتيكم غير الله به ؟ فلم تشركون مع الخالق الرازق غيره، من الأصنام والأوثان ؟ وهي لا ترى ولا تسمع، ولا تضر ولا تنفع ؟
البلاغة :
تضمنت السورة الكريمة وجوها من البيان والبديع هي الآتي :
١ - الطباق بين [ الموت.. والحياة ] وبين [ وأسروا ] [ اجهروآ ] وبين [ صافات.. ويقبضن ] لأن المعنى صافات وقابضات.
٢ - وضع الموصول للتفخيم والتعظيم [ الذي بيده الملك ] أي له الملك والسلطان، والتصرف في الأكوان.
٣ - الاطناب بتكرار الجملة مرتين زيادة قي التذكير والتنبيه [ فارجع البصر.. ثم ارجع البصر كرتين ] وكذلك [ ما كنا في أصحاب السعير.. فسحقا لأصحاب السعير ].
٤ - الاستفهام الانكاري للتقريع والتوبيخ [ ألم يأتكم نذير ] ؟
٥ - المقابلة [ وللذين كفروا بربهم عذاب جهنم ] قابله بقوله [ إن الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة ] وهو من المحسنات البديعية.
٦ - الاستعارة المكنية [ تكاد تميز من الغيظ ] شبه جهنم في شدة غليانها ولهبها، بإنسان شديد الغيظ والحنق على عدوه، يكاد يتقطع من شدة الغيظ، وحذف المشبه به ورمز إليه بشىء من لوازمه وهو الغيظ الشديد بطريق الاستعارة المكنية.
٧ - الاستعارة التمثيلية [ أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أمن يمشي سويا على صراط مستقيم ] وردت هذه الاستعارة اللطيفة، بطريق التمثيل، للمؤمن والكافر، فالمؤمن يمشى سويا على صراط مستقيم، والكافر يمشي مكبا على وجهه إلى طريق الجحيم، ويا لها من استعارة رائعة! !
٨ - السجع المرصع مراعاة لرءوس الآيات مثل [ فستعلمون كيف نذير ] [ فكيف كان نكير ] ؟ [ إنه بكل شيء بصير ].
تنبيه هام :


الصفحة التالية
Icon