[ فلا تطع المكذبين ] أي فلا تطع رؤساء الكفر والضلال، الذين كذبوا برسالتك وبالقرآن، فيما يدعونك إليه، قال الرازي : دعاه رؤساء أهل مكة إلى دين آبائه، فنهاه الله أن يطيعهم، وهذا من الله إلهاب وتهييج للتشدد في مخالفتهم
[ ودوا لو تدهن فيدهنون ] أي تمنوا لو تلين لهم يا محمد، وتترك بعض ما لا يرضونه مصانعة لهم، فيلينوا لك ويفعلوا مثل ذلك، قال في التسهيل : المداهنة : هي الملاينة والمداراة فيما لا ينبغي، روي أن الكفار قالوا للنبي (ص) : لو عبدت آلهتنا لعبدنا إلهك فنزلت الآية
[ ولا تطع كل حلاف ] أي ولا تطع يا محمد كثير الحلف بالحق والباطل، الذي يكثر من الحلف مستهينا بعظمة الله
[ مهين ] أي فاجر حقير
[ هماز ] أي مغتاب يأكل لحوم الناس بالطعن والعيب
[ مشاء بنميم ] أي يمشي بالنميمة بين الناس، وينقل حديثهم ليوقع بينهم وهو الفتان، وفي الحديث الصحيح (لا يدخل الجنة نمام )
[ مناع للخير ] أي بخيل ممسك عن الإنفاق في سبيل الله
[ معتد أثيم ] أي ظالم متجاوز في الظلم والعدوان، كثير الآثام والإجرام، وجاءت الأوصاف [ حلاف، هماز، مشاء، مناع ] بصيغة المبالغة للدلالة على الكثرة
[ عتل ] أي جاف غليط، قاسي القلب، عديم الفهم
[ بعد ذلك ] أي بعد تلك الأوصاف الذميمة التى تقدمت
[ زنيم ] أي ابن زنا، وهذه أشد معايبه وأقبحها، انه لصيق دعى ليس له نسب صحيح، قال المفسرون : نزلت في " الوليد بن المغيرة " فقد كان دعيا في قريش وليس منهم، ادعاه أبوه بعد ثمان عشرة سنة - أي تبناه ونسبه لنفسه بعد أن كان لا يعرف له أب - قال ابن عباس : لا نعلم أحدا وصفه الله بهذه العيوب غير هذا، فالحق به عارا لا يفارقه أبدا، وإنما ذم بذلك لأن النطفة إذا خبثت خبث الولد، وروي أن الآية لما نزلت جاء الوليد إلى آمه فقال لها : إن محمدا وصفني بتسع صفات، كلها ظاهرة فى، أعرفها غير التاسع منها ! ! يريد أنه [ زنيم ] فإن لم تصدقيني ضربت عنقك بالسيف، فقالت له : إن آباك كان عنينا - أي لا يستطيع معاشرة النساء - فخفت على المال فمكنت راعيا من نفسي، فأنت ابن ذلك الراعي، فلم يعرف أنه ابن زنا حتى نزلت الآية
[ أن كان ذا مال وبنين ] أي لأن كان ذا مال وبنين، كفر بالله وقال في القرآن ما قال، وزعم أنه أساطير الأولين ؟ وكان ينبغي أن يقابل النعمة بالشكر، لا بالجحود والتكذيب (( اختار الطبري وابن كثير هذا المعنى أن الآية متعلقة بما بعدها أي لأنه ذو مال وبنين يتكبر بماله وبنيه ويقول " إن القرآن خرافات وأباطيل، واختار غيرهما أن الآية متعلقة بما سبق أي لا تطعه بسبب كثرة ماله وولده )).
[ إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين ] أي إذا قرئت آيات القرآن على ذلك الفاجر، قال مستهزئا ساخرا : إنها خرافات وأباطيل المتقدمين، اختلقها محمد ونسبها إلى الله، قال تعالى ردا عليه متوعدا له بالعذاب


الصفحة التالية
Icon