[ وقذف فى قلوبهم الرعب ] أي ألقى الله في قلوبهم الخوف الشديد، حتى فتحوا الحصون واستسلموا، قال ابن جزي : نزلت الآية فى يهود ابن قريظة) وذلك أنهم كانوا معاهدين لرسول الله (ص) فنقضوا عهده وصاروا مع قريش، فلما انهزم المشركون، وانصرفت قريش عن المدينة حاصر رسول الله (ص) (بني قريظة) حتى نزلوا على حكم (سعد بن معاذ) فحكم بأن يقتل رجالهم، ويسبى نساؤهم وذريتهم، فذلك قوله تعالى :
[ فريقا تقتلون ] يعني الرجال، وقتل منهم يومئذ ما بين الثمانمائة والتسعمائة
[ وتأسرون فريقا ] يعنى النساء والذرية
[ وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم ] أي وأورثكم يا معشر المؤمنين أرض " بني قريظة " وعقارهم وخيلهم، ومنازلهم وأموالهم التي تركوها
[ وأرضا لم تطئوها ] أي وأرضا اخرى لم تطؤوها بعد بأقدامكم، وهي " خيبر " لأنها أخذت بعد قريظة، وكل أرض فتحها المسلمون بعد ذلك
[ وكان الله على كل شيء قديرا ] أي قادرا على كل مأ أراد، لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، قال أبو حيان : ختم تعالى هذه الآية ببيان قدرته على كل شيء، وكأن في ذلك إشارة إلى فتحه على المسلمين الفتوح الكثيرة، فكما ملكهم هذه الأراضي، فكذلك هو قادر على ان يمنكهم غيرها من البلاد
[ با أيها النبي قل لأزواجك ] أي قل لزوجاتك اللاتي تأذيت منهن بسبب سؤالهن إياك الزيادة فى النفقة
[ إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها ] أي إن رغبتن فى سعة الدنيا ونعيمها، وبهرجها الزائل
[ فتعالين أمتعكن ] أي فتعالين حتى أدفع لكن متعة الطلاق
[ وأسرحكن سراحا جميلا ] لآي ولآطلقكن طلاقا من غير ضرار
[ وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار آلأخرة ] أي وإن كنتن ترغبن في رضوان الله ورسوله، والفوز بالنعيم الوافر في الدار الآخرة
[ فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما ] جواب الشرط أي فإن الله تعالى قد هيأ للمحسنات منكن بمقابلة إحسانهن، ثوابا كبيرأ لا يوصف، وهو الجنة التي فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، قال في البحر : لما نصر الله نبيه، وفرق عنه الأحزاب، وفتح عليه قريظة والنضير، ظن أزواجه أنه اختص بنفائس اليهود وذخائرهم، فقعدن حوله وقلن يا رسول الله : بنات كسرى وقيصر في الحلي والحلل، ونحن على ما ترآه من الفاقة والضيق ! ! وآلمن قلبه بمطالبتهن له بتوسعة الحال، وأن يعاملهن بما يعامل به الملوك والأكابر أزواجهم، فأمره الله أن يتلو عليهن ما نزل في أمرهن، وأزواجه إذ ذاك تسع زوجات
[ يا نساء النبى من يأت منكن بفاحشة مبينة ] أي من تفعل منكن كببرة من الكبائر، أو ذنبا تجاوز الحد في القبح، قال ابن عباس : يعني النشوز وسوء الخلق (( وهذا هو الصحيح، لأن فاحشة الزنى لا تقع من زوجة من زوجات أحد من الرسل، فالمراد بالفاحشة هنا : العصيان وسوء الخلق كما قال ابن عباس ))
[ يضاعف لها العذاب ضعفين ] أي يكون جزاؤها ضعف جزاء غيرها من النساء، لأن زيادة قبح المعصية، تتبع زيادة الفضل والمرتبة
[ وكان ذلك على الله يسيرا ] أي كان ذلك العقاب سهلا يسيرا على الله، لا يمنعه منه كونهن أزواج ونساء النبى (ص)، وفي الآية تلوين للخطاب، فبعد أن كانت المخاطبة لهن على لسان رسول الله (ص)، وجه الله الخطاب إليهن هنا مباشرة، لإظهار الاعتناء بأمرهن ونصحهن، قال الضاوي : وهذه الآيات خطاب من الله لأزواج النبي (ص) إظهارأ لفضلهن، وعظم قدرهن عند الله تعالى، لأن العتاب والتشديد في الخطاب، مشعر برفعة رتبتهن، لشدة قربهن من رسول الله (ص) ولأنهن أزواجه في الجنة، فبقدر القرب من رسول الله، يكون القرب من الله
[ ومن يقنت منكن لله ورسوله ] أي ومن تواظب منكن على طاعة الله وطاعة رسوله


الصفحة التالية
Icon