[ فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة ] أي فإذا نفخ إسرافيل في الصور نفخة واحدة لخراب العالم، قال ابن عباس : هي النفخة الأولى التى يحصل عنها خراب الدنيا
[ وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة ] أي ورفعت الأرض والجبال عن أماكنها، فضرب بعضها ببعض، حتى تندق وتتفتت وتصير كثيبا مهيلا
[ فيومئذ وقعت الواقعة ] أي ففى ذلك الحين قامت القيامة الكبرى، وحدثت الداهية العظمى
[ وانشقت السماء فهي يومئذ واهية ] أي وانصدعت السماء فهي يومئذ ضعيفة مسترخية، ليس فيها تماسك ولا صلابة
[ والملك على أرجائها ] أي والملائكة على أطرافها وجوانبها، قال المفسرون : وذلك لأن السماء مسكن الملائكة، فإذا انشقت السماء وقفوا على أطرافها، فزعا مما داخلهم من هول ذلك اليوم، ومن عظمة ذي الجلال، الكبير المتعال
[ ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية ] أي، يحمل عرش الرحمن، ثمانية من الملائكة العظام فوق رءوسهم، وقال ابن عباس : ثمانية صفوف من الملائكة لا يعلم عددهم إلا الله (( القول الأول قول ابن زيد وهو الأظهر، ويؤيده حديث " حملة العرش اليوم أربعة، فإذا كان يوم القيامة قواهم الله بأربعة آخرين فكانوا ثمانية " )).
[ يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية ] أي في ذلك اليوم الرهيب، تعرضون على ملك الملوك ذي العظمة والجلال، للحساب والجزاء، لا يخفى عليه منكم أحد، ولا يغيب عنه سر من أسراركم، لأنه العالم بالظواهر والسرائر والضمائر.. ثم بين تعالى حال السعداء والأشقياء في ذلك اليوم، فقال سبحانه
[ فأما من أوتى كتابه بيمينه ] أي فأما من أعطي كتاب أعماله بيمينه لأنه من السعداء
[ فيقول هاؤم اقرءوا كتابيه ] أي فيقول ابتهاجا وسرورا : خذوا اقرأوا كتابى، والهاء في [ كتابيه ] هاء السكت، وكذلك في [ حسابيه ] و[ ماليه ] و[ سلطانيه ] قال الرازي : ويدل قوله [ هاؤم اقرءوا كتابيه ] على إنه بلغ الغآية في السرور، لأنه لما أعطي كتابه بيمينه، علم أنه من الناجين، ومن الفائزين بالنعيم السرمدي، فأحب أن يظهر ذلك لغيره حتى يفرحوا بما ناله
[ إنى ظننت أني ملاق حسابيه ] أي إني أيقنت وتحققت بأني سألقى حسابي وجزائي يوم القيامة، فأعددت له العدة من الإيمان، والعمل الصالح، قال الحسن : إن المؤمن أحسن الظن بربه فأحسن العمل، وأن المنافق أساء الظن بربه فأساء العمل وقال الضحاك : كل ظن في القرآن من المؤمن فهو يقين، ومن الكافر فهو شك.. قال تعالى مبينا جزاءه
[ فهو في عيشة راضية ] أي فهو في عيشة هنيئة مرضية، يرضى بها صاحبها، لما ورد في الصحيح أنهم يعيشون فلا يموتون أبدا، ويصحون فلا يمرضون أبدا، وينعمون فلا يرون بؤسا أبدا
[ في جنة عالية ] أي في جنة رفيعة القدر، وقصور عالية شاهقة
[ قطوفها دانية ] أي ثمارها قريبة، يتناولها القائم، والقاعد، والمضطجع، قال في التسهيل : القطوف جمع قطف وهو ما يجتنى من الثمار ويقطف كالعنقود، روى أن العبد يأخذها بفمه من شجرها وهو قائم أو قاعد أو مضطجع
[ كلوا واشربوا هنيئا ] أي يقال لهم تفضلا وإنعاما : كلوا واشربوا أكلا وشربا هنيئا، بعيدا عن كل أذى، سالما من كل مكروه
[ بما أسلفتم في الأيام الخالية ] أي بسبب ما قدمتم من الأعمال الصالحة، في الأيام الماضية يعنى " أيام الدنيا ". ولما ذكر حال السعداء أعقبه بذكر حال الأشقياء، فقال سبحانه
[ وأما من أوتى كتابه بشماله ] أي وأما من أعطي كتابه بشماله، وهذه علامة الشقاوة والخسران
[ فيقول يا ليتنى لم أوت كتابيه ] أي فيقول إذا رأى قبائح أعماله : يا ليتني لم أعط كتابي، قال المفسرون : وذلك لما يحصل له من الخجل والافتضاح، فيتمنى عندئذ أنه لم يعط كتاب أعماله، ويندم أشد الندم