[ ولم أدر ما حسابيه ] أي ولم أعرف عظم حسابى وشدته، والاستفهام للتعظيم والتهويل
[ يا ليتها كانت القاضية ] أي يا ليت الموتة الأولى التي متها في الدنيا، كانت القاطعة لحياتى، فلم أبعث بعدها ولم أعذب، قال قتادة : تمنى الموت ولم يكن شيء عنده أكره من الموت، لأنه رأئ تلك الحالة أشنع وأمر، مما ذاقه من الموت
[ ما أغنى عنى ماليه ] أي ما نفعنى مالى الذي جمعته، ولا دفع عني من عذاب الله شيئا
[ هلك عني سلطانيه ] أي زال عني ملكي وسلطانى، ونسبى وجاهى، فلا معين ولا مجير، ولا صديق ولا نصير
[ خذوه فغلوه ] أي يقول تعالى لزبانية جهنم : خذوا هذا المجرم الأثيم فشدوه بالأغلال، قال القرطبي : فيبتدره مائة ألف ملك، ثم تجمع يده إلى عنقه، فذلك قوله تعالى [ فغلوه ]
[ ثم الجحيم صلوه ] أي ثم أدخلوه النار العظيمة المتأججة، ليصلى حرها
[ ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه ] أي ثلم أدخلوه في سلسلة حديدية طولها سبعون ذراعا، قال ابن عباس : بذراع الملك، تدخل السلسلة من دبره، وتخرج من حلقه، ثم يجمع بين ناصيته وقدميه والسلسلة هي حلق منتظمة، كل حلقة منها في حلقة، يلف بها حتى لا يستطيع حراكا.. ولما بين العذاب الشديد، بين سببه، فقال سبحانه
[ إنه كان لا يؤمن بالله العظيم ] أي كان لا يصدق بوحدانية الله وعظمته، قال في البحر : بدأ بأقوى أسباب تعذيبه وهو كفره بالله، وهو تعليل مستأنف كأن قائلا قال : لم يعذب هذا العذاب البليغ ؟ فأجيب إنه كان لا يؤمن بالله
[ ولا يحض على طعام المسكين ] أي ولا يحث نفسه ولا غيره على إطعام المسكين، قال المفسرون : ذكر الحض دون الفعل، للتشبيه على أن تارك الحض بهذه المنزلة، فكيف بتارك الإحسان والصدقة ؟
[ فليس له اليوم ههنا حميم ] أي فليس له في الآخرة صديق، يدفع عنه العذاب، لأن الأصدقاء يتحاشونه، ويفرون منه
[ ولا طعام إلا من غسلين ] أي وليس له طعام إلا صديد أهل النار، الذي يسيل من جراحاتهم
[ لا يأكله إلا الخاطئون ] أي لا يأكله إلا الآثمون المجرمون، المرتكبون للخطايا والآثام، قال المفسرون :[ الخاطئون ] جمع خاطىء وهو الذي يتعمد الذنب، والمخطىء الذي يفعل الشيء خطأ دون قصد ولهذا قال [ الخاطئون ] ولم يقل المخطئون.. ولما ذكر أحوال السعداء من أهل الجنة، ثم أحوال الأشقياء من أهل النار، ختم الكلام بتعظيم القرآن فقال سبحانه
[ فلا أقسم بما تبصرون وما لا تبصرون ] أي فأقسم بالمشاهدات والمغيبات، أقسم بما ترونه وما لا ترونه، مما هو واقع تحت الأبصار، وما غاب وخفى عن الأنظار، و[ لا ] في قوله [ فلا أقسم ] لتأكيد القسم وليست نافية. قال الإمام الفخر : والآية تدل على العموم والشمول، لأنها لا تخرج عن قسمين : مبصر وغير مبصر، فشملت الخالق والخلق، والدنيا والآخرة، والأجسام والأرواح، والإنس والجن، والنعم الظاهرة والباطنة قال قتادة : هو عام فى جميع مخلوقاته جل وعلا، وقال عطاء : ما تبصرون من آثار القدرة، وما لا تبصرون من أسرار القدرة،
[ إنه لقول رسول كريم ] أي إن هذا القرآن العظيم، لكلام الرحمن، يتلوه ويقرأه رسول كريم، هو محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم، قال القرطبى : والرسول ههنا محمد (ص)ونسب القول إليه لأنه تاليه ومبلغه عن الله تعالى
[ وما هو بقول شاعر ] أي وليس القرآن كلام شاعر كما تزعمون، لأنه مباين لأوزان الشعر كلها، فليس شعرا ولا نثرا
[ قليلا ما تؤمنون ] أي قلما تؤمنون بهذا القرآن، قال مقاتل : يعنى بالقليل أنهم لا يصدقون بأن القرآن من الله، بمعنى لا يؤمنون به أصلا، والعرب تقول : قلما يأتينا يريدون لا يأتينا