سورة نوح
مكيه وآياتها ثمانى وعشرون آية
بين يدي السورة
* سورة نوح مكية، شأنها شأن سائر السور المكية التي تعنى بأصول العقيدة، وتثبيت قواعد الإيمان، وقد تناولت السورة تفصيلا قصة شيخ الأنبياء (نوح عليه السلام ) من بدء دعوته حتى نهاية (حادثة الطوفان ) التى أغرق الله بها المكذبين من قومه، ولهذا سميت " سورة نوح "، وفي السورة بيان لسنة الله تعالى في الأمم التي انحرفت عن دعوة الله، وبيان لعاقبة المرسلين، وعاقبة المجرمين، في شتى العصور والأزمان.
* ابتدأت السورة الكريمة بارسال الله تعالى لنوح عليه السلام، وتكليفه بتبليغ الدعوة، وإنذار قومه من عذاب الله [ إنا أرسلنا نوحا إلى قومه أن أنذر قومك من قبل أن يأتيهم عذاب أليم ] الآيات.
* ثم ذكرت السورة جهاد نوح عليه السلام، وصبره، وتضحيته في سبيل تبليغ الدعوة، فقد دعا قومه ليلا ونهارا، وسرا وجهارا، فلم يزدهم ذلك إلا إمعانا في الضلال والعصيان [ قال رب إنى دعوت قومى ليلا ونهارا فلم يزدهم دعائى إلا فرارا ]. الآيات
* ثم تتابعت السورة تذكرهم بإنعام الله وأفضاله على لسان نوح عليه السلام، ليجدوا فى طاعة الله، ويروا آثار قدرته ورحمته في هذا الكون الفسيح [ ألم تروا كيف خلق الله سبع سموات طباقا وجعل القمر فيهن نورا وجعل الشمس سراجا والله أنبتكم من الأرض نباتا ثم يعيدكم فيها ويخرجكم إخراجا ] ! !. ومع كل هذا التذكير والنصح والإرشاد، فقد تمادى قومه فى الكفر والضلال والعناد، واستخفوا بدعوة نبيهم (نوح ) عليه السلام، حتى أهلكهم الله بالطوفان [ قال نوح رب أنهم عصونى واتبعوا من لم يزده ماله وولده إلا خسارا ومكروا مكرا كبارا وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا.. ] الآيات.
* وختمت السورة الكريمة بدعاء نوح عليه السلام على قومه بالهلاك والدمار، بعد أن مكث فيهم تسعمائة وخمسين سنة، يدعوهم إلى الله، فما لانت قلوبهم، ولا انتفعت بالتذكير والإنذار [ وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا رب اغفر لي ولوالدى ولمن دخل بيتى مؤمنا، وللمؤمنين والمؤمنات، ولا تزد الظالمين إلا تبارا ].
قال الله تعالى :[ إنا أرسلنا نوحا إلى قومه.. ] إلى قوله [ ولا نزد الظالمين إلا تبارا ]. من آية (١) إلى آية (٢٨) نهاية السورة الكريمة.
اللغة :
[ استغشوا ] غطوا، يقال : غشاه أي غطاه، والغشاء الغطاء
[ مدرارا ] غزيرا. متتابعا
[ أطوارا ] أحوالا مختلفة طورا بعد طور، قال الشاعر :" والمرء يخلق طورا بعد أطوار،
[ فجاجا ] واسعات جمع فج وهو الطريق الواسعة
[ كبارا ] كبيرا بالغ الغاية في الكبر
[ ديارا ] أحدا يدور أو يتحرك على ظهر الأرض
[ تبارا ] هلاكا ودمارا.
التفسير :
[ إنا أرسلنا نوحا إلى قومه ] أي نحن بعظمتنا وجلالنا بعثنا شيخ الأنبياء (نوحا عليه السلام ) إلى سكان جزيرة العرب، قال الألوسي : واشتهر أنه عليه السلام كان يسكن أرض الكوفة وهناك أرسل
[ أن أنذر قومك من قبل أن يأتيهم عذاب أليم ] أي بأن خوف قومك، وحذرهم إن لم يؤمنوا، من عذاب شديد مؤلم، وهو عذاب الطوفان فى الدنيا، وعذاب النار في الآخرة