[ إن الله كان لطيفا خبيرا ] أي عالما بما يصلح أمور العباد، خبيرا بمصالحهم، ولذلك شرع للناس ما يسعدهم في دنياهم وآخرتهم ! ! ثم أخبر تعالى أن المرأة والرجل في الجزاء والثواب سواء فقال سبحانه :
[ إن المسلمين والمسلمات ] هم المتمسكون بأوامر الإسلام، المتخلقون بأخلاقه رجالا ونساء
[ والمؤمنين والمؤمنات ] أي المصدقين بالله وآياته، وما أنزل على رسله وأنبيائه
[ والقانتين والقانتات ] أي العابدين الطائعين، المداومين على الطا عة
[ والصادقين والصادقات ] أي الصادقين في إيمانهم، ونياتهم، وأقوالهم، وأعمالهم
[ والصابرين والصابرات ] أي الصابرين على الطاعات، وعن الشهوات، فى المكره والمنشط
[ والخاشعين والخاشعات ] أي الخاضعين الخائفين من الله جل وعلا، المتواضعين له بقلوبهم وجوارحهم
[ والمتصدقين والمتصدقات ] أي المتصدقين بأموالهم على الفقراء، بالإحسان وأداء الزكوات
[ والصائمين والصائمات ] أي الصائمين لوجه الله شهر رمضان وغيره من الأيام، فالصوم زكاة البدن، يزكيه ويطهره
[ والحافظين فروجهم والحافظات ] أي عن المحارم والآثام، وعما لا يحل من الزنى وكشف العورات
[ والذاكرين الله كثيرا والذاكرات ] أي المديمين ذكر الله بألسنتهم وقلوبهم، في كل الأوقات والأمكنة
[ أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما ] أي أعد الله وهنا لهؤلاء المتقين الأبرار، المتصفين بالصفات الجليلة، أعظم الأجر والثواب وهو الجنة، مع تكفير الذنوب عنهم، بسبب ما فعلوه من الأعمال الحسنة.
البلاغة :
تضمنت الآيات وجوها من البيان والبديع نوجزها فيما يلى :
١ - الإطناب بتكرار الاسم الظاهر [ هذا ما وعدنا الله ورسوله، وصدق الله ورسوله ] كرر الاسم الكريم، للتشريف والتعظيم.
٢ - الاستعارة [ قضى نحبه ] النحب : النذر، واستعير للموت لأنه نهاية كل حي، فكأنه نذر لازم في رقبة الإنسان.
٣ - الجملة الاعتراضية [ ويعذب المنافقين - إن شاء - أو بتوب عليهم ] للتنبيه على أن أمر العذاب أو الرحمة، موكول لمشيئته تعالى.
٤ - المقابلة بين [ إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها ] وبين [ وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة ].
٥ - التشبيه البليغ [ ولا تبرجن تبرج الجاهلية ] أي كتبرج أهل الجاهلية في التكشف والانحلال، حذفت أداة التشبيه ووجه الشبه، فصار بليغا.
٦ - عطف العام على الخاص [ وأطعن الله ورسوله ] بعد قوله :[ أقمن الصلاة آتين الزكاة ] فإن إطاعة الله ورسوله، تشمل كل ما تقدم من الأوامر والنواهى.
٧ - الاستعارة اللطيفة [ يذهب عنكم الرجس وبطهركم تطهيرا ] استعار الرجس للذنوب، والطهر للتقوى، لأن عرض المرتكب للمعاصي يتدنس، وأما الطاعة فالعرض معها نقى مصون، كالثوب الطاهر، ففى الآية( استعارة تصريحية).
٨ - الإيجاز بالحذف [ والحافظات ] حذف المفعول لدلالة السابق عليه أي والحافظات فروجهن.
٩ - التغليب [ أعد الله لهم ] غلب الذكور، وجمع الإناث معهم، ثم أدرجهم فى الضمير بقوله [ لهم ] فهو من باب التغليب.
١٠ - توآفق الفواصل مثل [ يسيرا، قديرا، كثيرا ] وهو من المحسنات البديعية.
قال الله تعالى :[ وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا.. ] إلى قوله [ وكان الله على كل شيء رقيبا ] من آية (٣٦) إلى نهاية آية (٥٢).
المناسبة :
لما ذكر تعالى صفات المؤمنين وما نالوه من الدرجات الرفيعة، أعقبها ببيان أن طاعة الرسول من طاعة الله، وأمر الرسول من أمر الله، ثم ذكرهم تعالى بالنعمة العظمى، وهي بعثة السراج المنير، المبعوث رحمة للعالمين (ص).
اللغة :
[ الخيرة ] مصدر بمعنى الاختيار من تخير على غير قياس، مثل الطيرة من تطير
[ مبديه ] أبدى الشيء : أظهره