[ وأن لو استقاموا على الطريقة ] أي لو آمن هؤلاء الكفار، واستقاموا على شريعة الله
[ لأسقيناهم ماء غدقا ] أي لبسطنا لهم في الرزق، ووسعنا عليهم في الدنيا، زيادة على ما يحصل لهم في الآخرة فى توسيع الرزق، والمراد بالطريقة : طريقة الإسلام وطاعة الله والمعنى : لو استقاموا على ذلك، لوسع الله أرزاقهم، فهو كقوله تعالى [ ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ]
[ لنفتنهم فيه ] أي لنختبرهم به أيشكرون أم يكفرون ؟
[ ومن يعرض عن ذكر ربه يسلكه عذابا صعدا ] أي ومن يعرض عن طاعة الله وعبادته، يدخله ربه عذابا شديدا شاقا، لا راحة فيه، قال قتادة :[ صعدا ] عذابا لا راحة فيه. وقال عكرمة : وهو صخرة ملساء فى جهنم، يكلف صعودها، فإذا انتهى إلى أعلاها، حدر إلى جهنم
[ وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا ] هذا من جملة الموحى به للرسول [ قل أوحي إلى ] والمعنى : وأوحى إلى أن المساجد وبيوت العبادة، هي مختصة بالله فلا تعبدوا فيها غيره، وأخلصوا له العبادة فيها، قال مجاهد : كان اليهود والنصارى إذا دخلوا كنائسهم وبيعهم، أشركوا بالله فيها، فأمر الله عز وجل نبيه والمؤمنين، أن يخلصوا الدعوة لله إذا دخلوا المساجد كلها
[ وأنه لما قام عبد الله يدعوه ] أى وأنه لما قام محمد (ص) يعبد ربه
[ كادوا يكونون عليه لبدا ] أي كاد الجن يركب بعضهم بعضا، من شدة الازدحام، حرصا على سماع القرآن، قال ابن عباس : كادوا ينقضون عليه لاستماع القرآن، وإنما وصفه تعالى بالعبودية " عبد الله " ولم يذكره باسمه زيادة في تشريفه وتكريمه عليه السلام
[ قل إنما أدعوا ربى ولا أشرك به أحدا ] أي قل يا محمد لهؤلاء الكفار، الذين طلبوا منك أن ترجع عن دينك : إنما أعبد ربي وحده، ولا أشرك مع الله غيره، بشرا ولا صنما، قال الصاوي : سبب نزولها أن كفار قريش قالوا له : إنك جئت بأمر عظيم، وقد عاديت الناس كلهم، فارجع عن هذا الدين، فنحن نجيرك وننصرك فنزلت
[ قل إني لا أملك لكم ضرا ولا رشدا ] أي قل يا أيها الرسول في محاجة هؤلاء : إني لا أقدر أن أدفع عنكم ضرا، ولا أجلب لكم نفعا، وإنما الذي يملك هذا هو الله رب العالمين
[ قل إني لن يجيرني من الله أحد ولن أجد من دونه ملتحدا ] أي قل لهم أيضا : إنه لن ينقذني من عذاب الله أحد إن عصيته، ولن أجد لى نصيرا ولا ملجأ منه، فكيف أجيبكم إلى ما طلبتم ؟ قال قتادة :[ ملتحدا ] ملجأ ونصيرا
[ إلا بلاغا من الله ورسالاته ] أى لا أجد ملجأ إلا إذا بلغت رسالة ربي، ونصحتكم وأرشدتكم كما أمرني الله، فحينئذ يجيرنى ربي من العذاب، كقوله تعالى [ يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته ] قال ابن كثير : أي لا يجيرني منه تعالى ويخلصني، إلا إبلاغي الرسالة التى أوجب أداءها على
[ ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدا ] أي ومن كفر بالله ورسوله، ولم يؤمن بلقاء الله، وأعرض عن سماع الآيات وتدبر الرسالات، فإن جزاءه جهنم لا يخرج منها أبدا، وإنما جمع [ خالدين ] حملا على معنى [ من ] لأن لفظها مفرد ومعناها جمع
[ حتى إذا رأوا ما يوعدون ] أي حتى إذا رأى المشركون ما يوعدون من العذاب
[ فسيعلمون من أضعف ناصرا وأقل عدا ] أي فسيعلمون حينئذ من هم أضعف ناصرا ومعينا، وأقل نفرا وجندا ؟ هل هم ؟ أم المؤمنون الموحدون ؟ ولا شك أن الله ناصر عباده المؤمنين، فهم الأقوى ناصرا والأكثر عددا لأن الله معهم وملائكته الأبرار
[ قل إن أدري أقريب ما توعدون ] أي قل لهم يا محمد : ما أدري هل هذا العذاب الذي وعدتم به قريب زمنه


الصفحة التالية
Icon