[ وتخفي في نفسك ما الله مبديه ] أي وتضمر يا محمد في نفسك ما سيظهره الله، وهو إرادة الزواج بها (( يتشبث بعض أعداء الإسلام بروايات ضعيفة واهية، لا زمام لها ولا خطام، للطعن في الرسول الكريم والنيل من مقامه العظيم، وجدت في بعض الكتب ! ! من هذه الروايات الباطلة التى تلقفها " المستشرقون " وخبوا فيها وأوضعوا، ان الرسول (ص) رأى " زينب " وهى متزوجة بزيد بن حارثة، فأحبها ووقعت في قلبه، فقال " سبحان مقلب القلوب " فسمعتها زينب فأخبرت بها زيدا، فأراد أن يطلقها فقال له الرسول ﴿أمسك عليك زوجك ﴾ حتى نزل القرآن يعاتبه على إخفائه ذلك.. إلخ وهذه روايات باطلة لم يصح فيها شيء، كما قال العلامة " أبو بكر بن العربي " رحمه الله، والآية صريحة في الرد على هذا البهتان، فإن الله سبحانه اخبر بأنه سيظهر ما أخفاه الرسول ﴿وتخفي في نفسك ما الله مبديه ﴾ فماذا أظهر الله تعالى ؟ هل أظهر حب الرسول وعشقه لزينب ؟ أم أن الذي أظهره هو أمره عليه السلام بالزواج بها، لحكمة عظيمة جليلة هي إبطال " حكم التبني " الذي كان شائعا في الجاهلية، ولهذا صرح تعالى بذلك وأبداه علنا وجهارا ﴿فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها لكيلا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم ﴾ يا قوم اعقلوا وفكروا، وتفهموا الحق لوجه الحق، بلا تلبيس ولا تشويش، وتبصروا فيما تقولون فمن غير المعقول ان يعاتب الشخص لأنه لم يجاهر بحبه لزوجة جاره ؟ وحاشا الرسول الطاهر الكريم أن يتعلق قلبه بامرأة هي في عصمة رجل، وأن يخفي هذا الحب حتى ينزل القرآن يعاتبه على إخفائه، فإن مثل هذا لا يليق بأي رجل عادي، فضلا عن أشرف الخلق عليه أفضل الصلاة والتسليم، وغاية ما في الأمر- كما نقل في البحر- عن على بن الحسين أنه قال :" أعلم الله نبيه (ص) أن زينب ستكون من أزواجه قبل أن يتزوجها، فلما أتاه زيد يشكوها إليه وقال له : اتق الله وأمسك عليك زوجك، عاتبه الله وقال له : أخبرتك أني مزوجكها وتخفي فى نفسك ما الله مبديه " ! ! )) قال في التسهيل : الذي أخفاه رسول الله (ص) جائز مباح، لا إثم فيه ولا عتب، ولكنه خاف أن يقول الناس تزوج امرأة ابنه، إذ كان قد تبناه، فأخفاه حياة وحشمة وصيانة لعرضه من ألسنتهم، فالذي أخفاه (ص) هو إرادة تزوجها ليبطل حكم التبني، فأبدى الله ذلك بأن قضى له بتزوجها
[ وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه ] أي تهاب أن يقول الناس تزوج محمد حليلة ابنه، والله أحق أن تخشاه وحده، وأن تجهر بما أوحاه إليك، من إنك ستتزوج بها بعد أن يطلقها زيد، قال ابن عباس : خشي أن يقول المنافقون : تزوج محمد امرأة ابنه
[ فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها ] أي فلما قضى زيد حاجته من نكاحها وطلقها، زوجناك إياها يا محمد، وهذا نص قاطع صريح على أن الذي أخفاه رسول الله (ص) هو (إرادة الزواج ) بها بعد تطليق زيد لها، تنفيذا لأمر الوحي، لا حبه لها كما زعم الأفاكون، ومعنى [ زوجناكها ] جعلناها زوجة لك، قال المفسرون : إن الذي تولى تزويجها هو الله جل وعلا، فلما انقضت عدتها دخل عليها رسول الله (ص) بلا إذن ولا عقد، ولا مهر ولا شهود، وكان ذلك خصوصية للرسول (ص)، روى البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال :(كانت زينب تفخر على أزواج النبي (ص) وتقول : زوجكن أهاليكن، وزوجني ربي من فوق سبع سموات ثم ذكر تعالى الحكمة من هذا الزواج فقال :