[ لكيلا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا ] أي لئلا يكون في تشريع الله على المؤمنين، ضيق ومشقة وتأثم في حق تزوج مطلقات الأبناء من التبنى، إذا لم يبق لأزواجهن حاجة فيهن، قال ابن الجوزي : المعنى زوجناك زينب - وهي امرأة زيد الذي تبنيته - لكيلا يظن أن امرأة المتبنى لا يحل نكاحها
[ وكان أمر الله مفعولا ] أي وكان أمر الله لك، ووحيه إليك بتزوج زينب، مقدرا محتما، كائنا لا محالة، ولما نفى الحرج عن المؤمنين، نفى الحرج عن سيد المرسلين بخصومه، على سبيل التكريم والتشريف فقال :
[ ما كان على النبي من حرج فيما فرض الله له ] أي لا حرج ولا إثم ولا عتاب على النبى فيما أباح الله له، وقسم من الزوجات، قال الضحاك : عاب اليهود الرسول (ص) بكثرة النكاح، فرد الله عليهم بقوله :
[ سنة الله في الذين خلوا من قبل ] أي هذه سنة الله فى جميع الأنبياء السابقين، حيث وسع عليهم فيما أباح لهم ! ! قال القرطبي : أي سن الله لمحمد (ص) في التوسعة عليه في النكاح، سنة الأنبياء الماضية كداود وسليمان، فكان لداود مائة امرأة، ولسليمان ثلاثمائة امرأة، عدا السريات
[ وكان أمر الله قدرا مقدورا ] أي قضاء مقضيا، وحكما مقطوعا به من الأزل، لا يتغير ولا يتبدل، ثم أثنى تعالى على جميع الأنبياء والمرسلين بقوله :
[ الذين يبلغون رسالات الله ] أى هؤلاء الذين أخبرتك عنهم يا محمد، وجعلت لك قدوة بهم، هم الذين يبلغون رسالات الله، إلى من أرسلوا إليه
[ ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله ] أي يخافون الله وحده، ولا يخافون أحدا سواه فاقتد يا محمد بهم
[ وكفى بالله حسيبا ] أي يكفي أن يكون الله محاسبا على جميع الأعمال والأفعال، فينبغي أن لا يخشى غيره، ثم أبطل تعالى حكم التبني الذي كان شائعا فى الجاهلية فقال :
[ ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ] قال المفسرون : لما تزوج رسول الله (ص) زينب قال الناس : إن محمدا قد تزوج امرأة ابنه فنزلت هذه الآية قال الزمخشري : أي لم يكن أبا رجل منكم على الحقيقة، حتى يثبت بينه وبينه، ما يثبت بين الأب وولده، من حرمة الصهر والنكاح
[ ولكن رسول الله وخاتم النبيين ] أي ولكنه عليه السلام آخر الأنبياء والمرسلين، ختم الله به الرسالات السماوية، فلا نبى بعده، قال ابن عباس : يريد : لو لم أختم به النبيين، لجعلت له ولدا يكون بعده نبيا
[ وكان الله بكل شيء عليما ] أي هو العالم بأقوالكم وأفعالكم، لا تخفى عليه خافية من أحوالكم
[ يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا ] أي اذكروا الله بالتهليل والتحميد، والتمجيد والتقدير، ذكرا كثيرا، بالليل والنهار، والسفر والحضر
[ وسبحوه بكرة وأصيلا ] أي وسبحوا ربكم في الصباح والمساء، قال العلماء : خصهما بالذكر لأنهما أفضل الأوقات بسبب تنزل الملائكة فيهما
[ هو الذي يصلي عليكم ] أي هو جل وعلا يرحمكم على الدوام، ويعتني بأمركم، وبكل ما فيه ملاحكم وفلاحكم
[ وملائكته ] أي وملائكته يصلون عليكم أيضا بالدعاء، والإستغفار، وطلب الرحمة، قال ابن كثير : والصلاة من الله سبحانه لقاؤه على العبد عند الملائكة، وقيل : الصلاة من الله الرحمة، ومن الملائكة : الدعاء والإستغفار
[ ليخرجكم من الظلمات إلى النور ] أي لينقذكم من الضلالة إلى الهدى، ومن ظلمات العصيان إلى نور الطاعة والإيمان
[ وكان بالمؤمنين رحيما ] أي واسع الرحمة بالمؤمنين، حيث يقبل القليل من أعمالهم، ويعفو عن الكثير من ذنوبهم، لإخلاصهم في إيمانهم
[ تحيتهم يوم يلقونه سلام ] أي تحية هؤلاء المؤمنين يوم يلقون ربهم السلام والإكرام في الجنة، من الملك العلام كقوله تعالى تعالى :[ سلام قولا من رب رحيم ]


الصفحة التالية
Icon