[ وأعد لهم أجرا كريما ] أي وهيأ لهم أجرا حسنا وهو " الجنة " وما فيها من النعيم المقيم، قال ابن كثير : والمراد بالأجر الكريم الجنة وما فيها من المآكل والمشارب، والملابس والمساكن، والملاذ والمناظر، مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، ثم لما بين تعالى أنه أخرج المؤمنين من ظلمات الكفر والضلال، إلى أنوار الهداية والإيمان، عقبه بذكر أوصاف السراج المنير، الذي أضاء الله به الأكوان فقال سبحانه :
[ يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ] أي شاهدا على أمتك وعلى جميع الأمم، بأن أنبياءهم قد بلغوهم رسالة ربهم
[ ومبشرا ] أي مبشرا للمؤمنين بجنات النعيم
[ ونذيرا ] أي ومنذرا للكافرين من عذاب الجحيم
[ وداعيا إلى الله بإذنه ] أي وداعيا للخلق إلى توحيد الله وطاعته وعبادته، بأمره جل وعلا، لا من تلقاء نفسك
[ وسراجا منيرا ] أي وأنت يا محمد كالسراج الوهاج المضيء للناس، يهتدى بك في الدهماء، كما يهتدى بالشهاب في الظلماء، قال ابن كثير : أي أنت يا محمد كالشمس في إشراقها واضاءتها لا يجحدها إلا معاند وقال الزمخشري : شبهه بالسراج المنير لأن الله جلى به ظلمات الشرك، واهتدى به الضالون، كما يجلى ظلام الليل بالسراج المنير ويهتدى به، وصفه تعالى بخمسة أوصاف، كلها كمال وجمال، وثناء وجلال، وختمها بأنه صلوات الله عليه هو السراج الوضاء الذي بدد الله به ظلمات الضلال، فصلوات ربي وسلامه عليه في كل حين وآن
[ وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلا كبيرا ] أي وبشر يا محمد المؤمنين خاصة، بأن لهم من الله العطاء الواسع الكبير في جنات النعيم
[ ولا تطع الكافرين والمنافقين ] أي لا تطعهم فيما يطلبونه منك من المساهلة والملاينة في أمر الدين، بل اثبت على ما أوحي إليك
[ ودع أذاهم ] أي ولا تكترث بإذائتهم لك، وصدهم الناس عنك
[ وتوكل على الله ] أي واعتمد في جميع أمورك وأحوالك على الله
[ وكفى بالله وكيلا ] أي إن الله يكفي من توكل عليه في أمور الدنيا والآخرة، قال الصاوي : وفي الآية إشارة إلى أن التوكل أمره عظيم، فمن توكل على الله كفاه ما أهمه من أمور الدنيا والدين، ولما كان الحديث عن نساء النبي (ص) وقصة زيد وتطليقه لزينب، جاء الحديث عن نساء المؤمنين والطريقة المثلى في تطليقهن فقال تعالى :
[ يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ] أي يا أيها المؤمنون الذين صدقوا بالله ورسوله، إذا عقدتم عقد الزواج على المؤمنات وتزوجتموهن
[ ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن ] أي ثم طلقتموهن من قبل أن تجامعوهن، وإنما خص المؤمنات بالذكر مع أن الكتابيات يدخلن في الحكم، للتنبيه على أن الأليق بالمسلم أن يتخير لنطفته، وألأ ينكح إلا مؤمنة عفيفة
[ فما لكم عليهن من عدة تعتدونها ] أي فليس لكم عليهن حق في العدة تستوفون عددها عليهن، لأنكم لم تقربوهن فليس هناك احتمال للحمل، حتى تحتبسوا المرأة من أجل صيانة نسبكم
[ فمتعوهن ] أي فالواجب عليكم إكرامهن بدفع المتعة، بما تطيب نفوسكم به من مال أو كسوة، تطييبا لخاطرهن، وتخفيفا لشدة وقع الطلاق عليهن
[ وسرحوهن سراحا جميلا ] أي وخلوا سبيلهن تخلية بالمعروف، من غير إضرار ولا إيذاء، ولا هضم لحقوقهن، قال أبو حيان : والسراح الجميل هو كلمة طيبة دون أذى ولا منع واجب، ثم ذكر تعالى ما يتعلق بأحوال زوجات الرسول (ص) فقال :


الصفحة التالية
Icon