[ يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن ] أي إنا قد أبحنا لك يا محمد أنواعا من النساء، توسعة عليك، وتيسيرا لك في تبليغ الدعوة، فمن ذلك إننا أبحنا لك زوجاتك اللاتي تزوجتهن بصداق مسمى، وهن في عصمتك (( هذا أحد قولين للمفسرين، والآخر أن المراد جميع النساء فقد أباح الله لرسوله (ص) أن يتزوج كل امرأة يعطيها مهرها، وهذا أوسع من الأول واختاره القرطبي واستدل بحديث عائشة " ما مات رسول الله (ص) حتى احل الله له النساء " ))
[ وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك ] أي وأبحنا لك أيضا النساء اللاتي تملكهن في الحرب بطريق الانتصار على الكفار، وإنما قيدهن بطريق الغنائم، لأنهن أفضل من اللائي يملكن بالشراء، فقد بذل في إحرازهن جهد ومشقة، لم يكن في الصنف الثاني
[ وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك اللاتي هاجرن معك ] أي وأبحنا لك قريباتك من (بنات الأعمام ) و(العمات ) و(الأخوال ) و(الخالات )، بشرط الهجرة معك
[ وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي ] أي وأحللنا لك النساء المؤمنات الصالحات اللواتي وهبن أنفسهن لك، حبا فى الله ورسوله وتقربا لك
[ إن أراد النبي أن يستنكحها ] أي إن أردت يا محمد أن تتزوج من شئت منهن بدون مهر
[ خالصة لك من دون المؤمنين ] أي خاصة لك يا محمد دون سائر المؤمنين، فإنه لا يحل لهم التزوج بدون مهر، ولا تصح الهبة، بل يجب مهر المثل
[ قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم وما ملكت أيمانهم ] أي قد علمنا ما أوجبنا على المؤمنين من نفقتن، ومهر، وشهود فى العقد، وعدم تجاوز أربع من النساء، وما أبحنا لهم من ملك اليمين، عدا الحرائر، أما أنت فقد خصصناك بخصائص تيسيرا لك
[ لكيلا يكون عليك حرج ] أي لئلا يكون عليك مشقة أو ضيق
[ وكان الله غفورا رحيما ] أي عظيم المغفرة واسع الرحمة
[ ترجي من تشاء منهن وتئوى إليك من تشاء ] أي ولك - أيها النبي - الخيار في أن تطلق من تشاء من زوجاتك، وتمسك من تشاء منهن (( هذا قول ابن عباس، وقال مجاهد والضحاك تقسم لمن شئت وتؤخر عنك من شئت، وتقلل لمن شئت وتكثر لمن شئت، لا حرج عليك في ذلك ))
[ ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك ] أي وإذا أحببت أن تؤوي إليك امرأة ممن عزلت من القسمة، فلا إثم عليك ولا عتب
[ ذلك أدنى أن تقر أعينهن ولا يحزن ويرضين بما آتيتهن كلهن ] أي ذلك التخيير الذي خيرناك من أمرهن، أقرب أن ترتاح قلوبهن فلا يحزن، ويرضين بصنيعك، لأنهن إذا علمن أن هذا أمر من الله، كان أطيب لأنفسهن فلا يشعرن بالحزن والألم
[ والله يعلم ما في قلوبكم ] خطاب للنبى على جهة التعظيم، أي يعلم ما في قلبك يا محمد وما في قلب كل إنسان، من عدل أو ميل، ومن حب أو كراهية، وإنما خيرناك فيهن تيسيرا عليك فيما أردت
[ وكان الله عليما حليما ] أي واسع العلم يعلم جميع ما تظهرون وما تخفون، حليما يضع الأمور في نصابها ولا يعاجل بالعقوبة، بل يؤخر ويمهل، لكنه لا يهمل، روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت :(كنت أغار من اللاتي وهبن أنفسهن للنبي (ص) وأقول : أتهب المرأة نفسها ؟ فلما نزلت [ ترجي من تشاء منهن وتئوي إليك من تشاء، ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك ] قلت : ما أرى ربك إلا يسارع في هواك (( ومرادها أن الله تعالى يشرع لك ما تحبه وتهواه، لمنزلتك الرفيعة، ومكانتك السامية عنده )) ثم قال تعالى :
[ لا يحل لك النساء من بعد ] أي لا يحل لك أيها النبي النساء، من بعد هؤلاء التسع اللاتي في عصمتك
[ ولا أن تبدل بهن من أزواج ] أي ولا يحل لك أن تطلق واحدة منهن، وتنكح مكانها أخرى
[ ولو أعجبك حسنهن ] أي ولو أعجبك جمال غيرهن من النساء.