[ وما تشاءون إلا أن يشاء الله ] أي وما تشاءون أمرا من الأمور، إلا بتقدير الله ومشيئته، ولا يحصل شيء من الطاعة والاستقامة إلا بإذنه تعالى وإرادته، قال ابن كثير : أى لا يقدر أحد أن يهدي نفسه، ولا يدخل فى الإيمان، ولا يجر لنفسه نفعا، إلا بمشيئة الله تعالى
[ إن الله كان عليما حكيما ] أى هو تعالى عالم بأحوال خلقه، حكيم في تدبيره وصنعه، يعلم من يستحق الهداية فييسرها له، ومن يستحق الضلالة فيسهل له أسبابها، وله الحكمة البالغة والحجة الدامغة
[ يدخل من يشاء في رحمته ] أي يدخل من شاء من عباده جنته ورضوانه، حسب مشيئته وحكمته، وهم المؤمنون
[ والظالمين أعد لهم عذابا أليما ] أي وأما المشركون الظالمون فقد هيأ لهم عذابا شديدا مؤلما في دار الجحيم ! ختم الله السورة الكريمة ببيان مآل المتقين، ومآل الكفرة المجرمين، للجمع بين الوعد والوعيد، والترغيب والترهيب.
البلاغة :
تضمنت السورة الكريمة وجوها من البيان والبديع وهي كالاتي :
١ - الطباق بين [ شاكرا.. وكفورا ] وبين [ بكرة.. وأصيلا ].
٢ - اللف والنشر المشوش [ إنا أعتدنا للكافرين سلاسل ] فإنه قدم أولا ذكر الشاكر ثم الكافر [ شاكرا أو كفورا ] ثم عاد بالذكر على الثاني [ أعتدنا للكافرين ] دون الأول ففيه (لف ونشر غير مرتب ) وهو من أساليب علم البديع.
٣ - المجاز العقلي [ يوما عبوسا ] إسناد العبوس إلى اليوم من إسناد الشيء إلى زمانه كقولهم : نهاره صائم، وليله قائم.
٤ - الجناس غير التام [ فوقاهم.. ولقاهم ] فبين (وقاهم) و(لقاهم) جناس ناقص.
٥ - جناس الاشتقاق [ ويطعمون الطعام ].
٦ - الطباق بين [ يحبون.. ويذرون ].
٧ - الإيجاز بالحذف [ إن هذا كان لكم جزاء ] أي يقال لهم : إن هذا..
٨ - التشبيه البديع الرائع [ إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا ] أي كاللؤلو المنتثر فى الحسن والبهاء والجمال.
٩ - المقابلة اللطيفة [ يحبون العاجلة ويذرون وراءهم يوما ثقيلا ] قابل بين المحبة والترك، وبين العاجلة والآخرة التي عبر عنها باليوم الثقيل.


الصفحة التالية
Icon