[ ويل يومئذ للمكذبين ] أي هلاك ودمار للمكذبين بآيات الله
[ هذا يوم لا ينطقون ] أي هذا اليوم الرهيب، الذي لا ينطق فيه أولئك المكذبون، ولا يتكلمون كلاما ينفعهم، فهم في ذلك اليوم خرس بكم
[ ولا يؤذن لهم فيعتذرون ] أي ولا يقبل لهم عذر ولا حجة، فيما أتوا به من القبائح والجرائم، بل لا يؤذن لهم فى أن يعتذروا، لأنه لا تسمع منهم تلك الحجج والأعذار، ولا تقبل، كقوله تعالى [ يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ]
[ ويل يومئذ للمكذبين هذا يوم الفصل جمعناكم والأولين ] أي يقال لهم : هذا يوم الفصل بين الخلائق، الذي يفصل الله فيه بحكمه العادل، بين السعداء والأشقياء، جمعناكم فيه مع من تقدمكم من الأمم، لنحكم بينكم جميعا
[ فإن كان لكم كيد فكيدون ] أي فإن كان لكم حيلة فى الخلاص من العذاب فاحتالوا، وانقذوا أنفسكم من بطش الله، وانتقامه إن قدرتم، وهذا تعجيز لهم وتوبيخ
[ ويل يومئذ للمكذبين ] أي هلاك يومئذ للمكذبين بيوم الدين.. وبعد أن ذكر أحوال الأشقياء المجرمين، أعقبه بذكر أحوال السعداء المتقين فقال
[ إن المتقين في ظلال وعيون ] أي إن الذين خافوا ربهم في الدنيا، واتقوا عذابه، بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، هم يوم القيامة في ظلال الأشجار الوارقة، وعيون المياه الجارية، يتنعمون في دار الخلد، والكرامة، علئ عكس أولئك المجرمين المكذبين، الذين هم في ظل من يحموم - وهو دخان جهنم الأسود- الذي لا يقي حرا، ولا يدفع عطشا، ولا يجد المستظل به مما يشتهيه لراحته، سوى شرر النار الهائل
[ وفواكه مما يشتهون ] أي وفواكه كثيرة متنوعة مما يستلذون ويستطيبون
[ كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون ] أي ويقال لهم على سبيل الأنس والتكريم : كلوا أكلا لذيذا، واشربوا شربا هنيئا، بسبب ما قدمتم في الدنيا من صالح الأعمال
[ إنا كذلك نجزي المحسنين ] أي إنا مثل ذلك الجزاء العظيم، نجزي من أحسن عمله، وأخلص نيته، وأتقى ربه
[ ويل يومئذ للمكذبين ] أي هلاك ودمار للمكذبين بيوم الدين
[ كلوا وتمتعوا قليلا إنكم مجرمون ] أي يقال للكفار على سبيل التهديد والوعيد : كلوا من لذائذ الدنيا، واستمتعوا بشهواتها الفانية، كما هو شأن البهائم، التي همها ملء بطونها ونيل شهواتها، زمانا قليلا إلى منتهى آجالكم، فإنكم مجرمون لا تستحقون الإنعام والتكريم
[ ويل يومئذ للمكذبين ] أي هلاك ودمار يوم القيامة للمكذبين بنعم الله
[ وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون ] أي وإذا قيل لهؤلاء المشركين : صلوا لله، واخشعوا فى صلاتكم لعظمته وجلاله، لا يخشعون ولا يصلون، بل يظلون على استكبارهم يصرون، قال مقاتل : نزلت هذه الآية في ثقيف، امتنعوا عن الصلاة وقالوا لرسول الله (ص) حط عنا الصلاة فإنا لا ننحني، إنها مسبة علينا، فأبى (ص)، وقال لهم : لا خير في دين لا صلاة فيه
[ ويل يومئذ للمكذبين ] أي هلاك ودمار يوم القيامة للمكذبين بأوامر الله ونواهيه
[ فبأي حديث بعده يؤمنون ] ؟ أي فبأي كتاب وكلام، بعد هذا القرآن المعجز الواضح، يصدقون أن لم يؤمنوا بالقرآن ؟ فإذا كذبوا بالقرآن ولم يؤمنوا به، مع بلوغه الغاية فى الإعجاز، ونصوع الحجة، وروعة البيان ؟ فبأي شيء بعد ذلك يؤمنون ؟ قال القرطبي : كرر قوله [ ويل يومئذ للمكذبين ] عشر مرات للتخويف والوعيد، وقيل : إنه ليس بتكرار، لأنه أراد بكل قول منه غير الذي أراده بالآخر، كأنه ذكر شيئا فقال : ويل لمن يكذب بهذا، ثم ذكر شيئا آخر فقال : ويل لمن يكذب بهذا، وهكذا إلى آخر السورة الكريمة
البلاغة :
تضمنت السورة الكريمة وجوها من البيان والبديع نرجزها فيما يلي :