سورة عبس
مكية وآياتها اثنتان وأربعون آية
بين يدي السورة
* سورة عبس من السور المكية، وهي تتناول شئونا تتعلق بالعقيدة وأمر الرسالة، كما أنها تتحدث عن دلائل القدرة، والوحدانية في خلق الإنسان، والنبات، والطعام، وفيها الحديث عن القيامة وأهوالها، وشدة ذلك اليوم العصيب
* ابتدأت السورة الكريمة بذكر قصة الأعمى " عبد الله بن أم مكتوم " الذي جاء الى رسول الله (ص) يطلب منه أن يعلمه مما علمه الله، ورسول الله (ص) مشغول مع جماعة من كبراء قريش، يدعوهم إلى الإسلام، فعبس (ص) في وجهه وأعرض عنه، فنزل القرآن بالعتاب[ عبس وتولى، أن جاءه الأعمى، وما يدريك لعله يزكى، او يذكر فتنفعه الذكرى، أما من استغنى، فأنت له تصدى ] الآيات
* ثم تحدثت عن جحود الإنسان، وكفره الفاحش بربه مع كثرة نعم الله تعالى عليه [ قتل الإنسان ما أكفره، من أي شيء خلقه، من نطفة خلقه فقدره، ثم السبيل يسره... ] الآيات
* ثم تناولت دلائل القدرة في هذا الكون، حيث يسر الله الإنسان سبل العيش فوق سطح هذه المعمورة [ فلينظر الإنسان الى طعامه أنا صببنا الماء صبا، ثم شققنا الأرض شقا، فأنبتنا فيها حبا وعنبا وقضبا، وزيتونا ونخلا ] الآيات
* وختمت السورة الكريمة ببيان أهوال القيامة، وفرار الإنسان من أحبابه من شدة الهول والفزع، وبينت حال المؤمنين وحال الكافرين في ذلك اليوم العصيب [ فإذا جاءت الصاخة، يوم يفر المرء من أخيه، وأمه وأبيه، وصاحبته وبنيه، لكل امرىء منهم يومئذ شأن يغنيه، وجوه. يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة ووجوة يومئذ عليها غبرة، ترهقها قترة، أولئك هم الكفرة الفجرة.
قال الله تعالى :[ عبس وتولى أن جاءه الأعمى... ] الى قوله [ أولئك هم الكفرة الفجرة ] (من آية ١ الى آية ٤٢ نهاية السورة الكريمة).
اللغة :
[ عبس ] كلح وجهه وقطب
[ تصدى ] تتعرض له وتصغي لكلامه
[ سفرة ] السفرة : الملائكة الكرام الكاتبون لأعمال العباد جمع سافر مثل كاتب كتبة
[ فأقبره ] جعل له قبرا وأمر أن يقبر
[ قضبا ] القضب : كل ما يقطع من البقول فينبت أصله مثل البرسيم " الفصة " والباقلاء، والكراث وغيرها
[ غلبا ] كثيرة الأشجار ملتفة الأغصان جمع غلباء
[ أبا ] الأب : المرعى وكل ما أنبتت الأرض مما تأكله البهائم كالكلأ والعشب
[ الصآخة ] الصيحة التي تصم الآذان لشدتها
[ مسفرة ] مشرقة مضيئة
[ غبرة ] غبار ودخان
[ قترة ] سواد وظلمة.
سبب النزول :
روي أن النبي ﷺ كان مشغولا مع صناديد قريش يدعوهم إلى الإسلام، وكان يطمع في إسلامهمه رجاء أن يسلم أتباعهم، فبينما رسول الله ﷺ مشتغل بمن عنده من وجوه قريش، جاء إليه " عبد الله بن أم مكتوم " وهو أعمى، فقال يا رسول الله : علمني مما علمك الله، وكرر ذلك وهو لا يعلم أن الرسول مشغول مع هؤلاء إنما أتباعه العميان والسفلة والعبيد، فعبس وجهه وأقبل على القوم يكلمهم فأنزل الله [ عبس وتولى أن جآءه الأعمى ] الآيات.
التفسير :
[ عبس وتولى أن جآءه الأعمى ] أي كلح وجهه وقطبه وأعرض عنه كارها، لأن جاءه الاعمى يسأل عن أمور دينه قال الصاوي : إنما أتى بضمائر الغيبة [ عبس وتولى ] تطلفا به ﷺ وإجلالا له، لما في المشافهة بتاء الخطاب ما لا يخفى من الشدة الصعوبة واسم الأعمى " عبد الله بن أم مكتوم " وكان بعد نزول آيات العتاب إذا جاءه يقول له :" مرحبا بمان عاتبني فيه ربي، ويبسط له رداءه "
[ وما يدريك لعله يزكى ] أي وما يعلمك ويخبرك يا محمد لعل هذا الأعمى الذي عبست في وجهه، يتطهر من ذنوبه بما يتلقاه عنك من العلم والمعرفة!!
[ أو يذكر فتنفعه الذكرى ] أي أويتعظ بما يسمع فتنفعه موعظتك!!