سورة البلد
مكية وآياتها عشرون آية
بين يدي السورة
* هذه السورة الكريمة مكية، وأهدافها نفس أهداف السور المكية، من تثبيت العقيدة والإيمان، والتركيز على الإيمان بيوم الحساب والجزاء، والتمييز بين الأبرار والفجار، وطريق النجاة من عذاب النار.
* ابتدأت السورة الكريمة بالقسم بالبلد الحرام، الذي هو سكن النبي (ص)، تعظيما لشأنه وتكريما لمقامه الرفيع عند ربه، ولفتا لأنظار الكفار إلى أن إيذاء الرسول في البلد الأمين، من أكبر الكبائر عند الله تعالى [ لا أقسم بهذا البلد. وأنت حل بهذا البلد. ووالد وما ولد ] الآيات.
* ثم تحدثت عن بعض كفار مكة، الذين اغتروا بقوتهم، فعاندوا الحق، وكذبوا رسول الله وأنفقوا أموالهم في المباهاة والمفاخرة، ظنا منهم أن إنفاق الأموال في حرب الإسلام يدفع عنهم عذاب الله، وقد ردت عليهم الآيات بالحجة القاطعة والبرهان الساطع. [ أيحسب أن لن يقدر عليه أحد ؟ يقول أهكلت مالا لبدا.. ] الآيات
* ثم تناولت أهوال القيامة وشدائدها، وما يكون بين يدي الإنسان في الآخرة، من مصاعب ومتاعب وعقبات، لا يستطيع أن يقطعها ويجتازها إلا بالإيمان، والعمل الصالح. [ فلا اقتحم العقبة ؟ وما أدراك ما العقبة ؟ فك رقبة أو إطعام في يوم ذي مسغبة.. ] الآيات
* وختمت السورة الكريمة بالتفريق بين المؤمنين والكفار، في ذلك اليوم العصيب، وبينت مآل السعداء، ومال الأشقياء، في دار الخلد والكرامة [ ثم كان من الذين آمنوا وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة أولئك أصحاب الميمنة.. ] الآيات إلى نهاية السورة الكريمة
قال الله تعالى :[ لا أقسم بهذا البلد وأنت حل بهذا البلد ] إلى قوله [ عليهم نار مؤصدة ] من آية (١ ) إلى اية (٢٠) نهاية السورة الكريمة
اللغة :
[ كبد ] الكبد : الشدة والمشقة، وأصله من كبد الرجل كبدا إذا وجعته كبده ثم استعمل في كل تعب ومشقة، ومنه المكابدة لمقاساة الشدائد
[ اقتحم ] الاقتحام : الدخول بسرعة وشدة يقال : اقتحم الأمر، واقتحم الحصن إذا رمى نفسه فيه بدون روية
[ العقبة ] الطريق الوعر في الجبل
[ فك ] الفك تخليص الشيء من الشيء يقال : فككت الحبل، وفككت الأسير أي خلصته من الأسر
[ مسغبة ] مجاعة يقال : سغب الرجل إذا جاع وقال الراغب : هو الجوع مع التعب
[ متربة ] افتقار يقال : ترب الرجل إذا افتقر ولصق بالتراب، وأرتب إذا استغنى وكذلك أثرى
[ مؤصدة ] مبطقة من أوصد الباب إذا أغلقه وأطقبه.
التفسير :
[ لا أقسم بهذا البلد ] هذا قسم، أقسم سبحانه بالبلد الحرام " مكة " التي شرفها الله تعالى بالبيت العتيق ـ قبلة أهل الشرق والغرب ـ وجعلها مهبط الرحماتن وإليها تجبى ثمرات كل شيء، وجعلها حرما آمنا، وجعل حرمتها منذ خلق السموات والأرض (( في الحديث الذي رواه الشيخان " إن الله تعالى حرم مكة يوم خلق السموات والأرض، فهي حرام إلى أن تقوم الساعة، لم تحل لأحد قبلي، ولن تحل لأحد بعدي، ولم تحل لي إلا ساعة من نهار) الحديث صحيح مسلم )). فلما استجمعت تلك المزايا والفضائل أقسم الله تعالى بها قال في التسهيل : أراد بالبلد " مكة " باتفاق، وأقسم بها تشريفا لها
[ وأنت حل بهذا البلد ] أي وأنت يا محمد ساكن ومقيم بمكة بلد الله الأمين قال البيضاوي أقسم بالبلد الحرام وقيده بحلوله عليه السلام فيه ـ أي إقامته فيه ـ إظهارا لمزيد فضله، وإشعارا بأن شرف المكان بشرف أهله