[ وأثاروا الأرض وعمروها أكثر مما عمروها ] أي وحرثوا الأرض للزراعة، وحفروها لإستخراج المعادن، وعمروها بالأبنية المشيدة، والصناعات الفريدة، أكثر مما عمرها هؤلاء ! ! قال البيضاوي : وفي الآية تهكم بأهل مكة، من حيث أنهم مغترون بالدنيا، مفتخرون بها، وهم أضعف حالا فيها، إذ مدار أمرها على السعة في البلاد، والتسلط على العباد، والتصرف في أقطار الأرض بأنواع العمارة، وهم ضعفاء ملجأون إلى دار لا نفع فيها
[ وجاءتهم رسلهم بالبينات ] أي وجاءتهم الرسل بالمعجزات الواضحات والآيات البينات فكذبوهم
[ فما كان الله ليظلمهم ] أي فما كان الله ليهلكهم بغير جرم
[ ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ] أي ولكن ظلموا أنفسهم بالكفر والتكذيب، فاستحقوا الهلاك والدمار
[ ثم كان عاقبة الذين أساءوا السوأى ] أي ثم كان عاقبة المجرمين، العقوبة التي هي أسوأ العقوبات، وهي نار جهنم
[ أن كذبوا بآيات الله وكانوا بها يستهزءون ] أي لأجل أنهم كذبوا بآياتنا المنزلة على رسلنا، وإستهزءوا بها
[ الله يبدأ الخلق ثم يعيده ] أي الله جل وعلا بقدرته ينشىء خلق الناس، ثم يعيد خلقهم بعد موتهم
[ ثم إليه ترجعون ] أي ثم إليه مرجعكم للحساب والجزاء
[ ويوم تقوم الساعة يبلس المجرمون ] أي ويوم تقوم القيامة ويحشر الناس للحساب، يسكت المجرمون، وتنقطع حجتهم، فلا يستطيعون أن ينبسوا ببنت شفة، قال ابن عباس :[ يبلس المجرمون ] ييأس المجرمون، وقال مجاهد : يفتضح المجرمون، قال القرطبى : والمعروف في اللغة : أبلس الرجل إذا سكت وانقطعت حجتة
[ ولم يكن لهم من شركائهم شفعاء ] أي ولم يكن لهم من الأصنام التي عبدوها، شفعاء يشفعون لهم
[ وكانوا بشركائهم كافرين ] أي تبرءوا منها وتبرأت منهم
[ ويوم تقوم الساعة يومئذ يتفرقون ] كرر لفظ قيام الساعة للتهويل والتخويف، لأن قيام الساعة أمر هائل، أي ويوم تقوم القيامة يومئذ يتفرق المؤمنون والكافرون، ويصبحون فريقين : فريق في الجنة، وفريق في السعير، ولهذا قال
[ فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات ] أي فأما المؤمنون المتقون، الذين جمعوا بين الإيمان والعمل الصالح
[ فهم في روضة يحبرون ] أي فهم في رياض الجنة، يسرون وينتمون
[ وأما الذين كفروا وكذبوا بآياتنا ولقاء الآخرة ] أي وأما الذين جحدوا بالقرآن، وكذبوا بالبعث بعد الموت
[ فأولئك في العذاب محضرون ] أي فأولئك في عذاب جهنم، مقيمون فيها على الدوام
[ فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون ] أي سبحوا الله ونزهوه عما لا يليق به من صفات النقص، حين تدخلون في المساء، وحين تدخلون في الصباح
[ وله الحمد في السموات والأرض وعشيا وحين تظهرون ] أي وهو جل وعلا المحمود في السموات والأرض، قال ابن عباس : يحمده أهل السموات وأهل الأرض ويصلون له، قال المفسرون :[ وله الحمد في السموات والأرض ] جملة اعتراضية وأصل الكلام :[ فسبحان الله حين تمسون وحبن تصبحون وعشيا وحين تظهرون ] والحكمة في ذلك، الاشارة إلى أن التوفيق للعبادة نعمة ينبغي أن يحمد عليها، والعشي : من صلاة المغرب إلى العتمة [ وتظهرون ] أي تدخلون وقت الظهر
[ يخرج الحى من الميت ويخرج الميت من الحي ] أي يخرج المؤمن من الكافر، والكافر من المؤمن، والنبات من الحب، والحب من النبات، والحيوان من النطفة، والنطفة من الحيوان
[ ويحي الأرض بعد موتها ] أي ويحي الأرض بالنبات، بعد يبسها وجدبها
[ وكذلك تخرجون ] أي كما يخرج الله النبات من الأرض، كذلك يخرجكم من قبوركم للبعث يوم القيامة، قال القرطبي : بين تعالى كمال قدرته، فكما يحى الأرض بإخراج النبات بعد همودها كذلك يحييكم بالبعث.
البلاغة :
تضمنت الآيات الكريمة وجوها من البيان والبديع نوجزها فيما يلي :