[ ولن تجد لسنة الله تبديلا ] أي ولن تتغير أو تتبدل سنة الله، لكونها بنيت على أساس متين، قال الصاوي : وفي الآية تسلية للنبى (ص) أي فلا تحزن على وجود المناققين يا محمد، فإن ذلك سنة قديمة، لم يخل منهم زمن من الأزمان.. ثم ذكر تعالى الساعة وأهوالها، فقال سبحانه :
[ يسألك الناس عن الساعة ] أي يسألك يا أيها الرسول، المشركون من كفار مكة، على سبيل الإستهزاء والسخرية، يسألونك عن وقت قيام الساعة
[ قل إنما علمها عند الله ] أي قل لهم : لست أعرف وقتها، وإنما يعلم ذلك علام الغيوب، فإن الله أخفاها لحكمة، ولم يطلع عليها ملكا مقربا، ولا نبيا مرسلا
[ وما يدريك لعل الساعة تكون قريبا ] أي وما يعلمك أن الساعة تكون في وقت قريب ؟ قال أبو السعود : وفيه تهديد للمستعجلين، وتبكيت للمتعنتين، والإظهار في موضع الإضمار، للتهويل وزيادة التقرير
[ إن الله لعن الكافرين ] أي طرد الكافرين وأبعدهم عن رحمته
[ وأعد لهم سعيرا ] أي وهيأ لهم نارا شديدة مستعرة
[ خالدين فيها أبدا ] أي مقيمين فى السعير أبد الآبدين
[ لا يجدون وليا ولا نصيرا ] أي لا يجدون لهم من ينجيهم وينقذهم من عذاب الله
[ يوم تقلب وجوههم في النار ] أي يوم تتقلب وجوههم من جهة إلى جهة، كاللحم يشوى بالنار
[ يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا ] أي يقولون متحسرين على ما فاتهم : يا ليتنا أطعنا الله ورسوله، حتى لا نبتلى بهذا العذاب المهين
[ وقالوا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا ] أي أطعنا القادة والأشراف فينا، فأضلونا طريق الهدى والإيمان
[ ربنا آتهم ضعفين من العذاب ] أي اجعل عذابهم ضعفى عذابنا، لأنهم كانوا سبب ضلالنا
[ والعنهم لعنا كبيرا ] أي والعنهم أشد أنواع اللعن وأعظمه ! ! ثم حذر تعالى من إيذاء الرسول، كما أذى اليهود نبيهم، فقال تعالى :
[ يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين أذوا موسى فبرأه الله مما قالوا ] أي لا تكونوا أمثال بني إسرائيل، الذين أذوا نبيهم موسى، واتهموه ببرص في جسمه، أو أدرة - انتفاخ الخصية لفرط تستره وحيائه، فأظهر الله براءته، وأكذبهم فيما اتهموه به، روى البخاري عن أبي هريرة أن رسول الله (ص) قال :(إن موسى كان رجلا حييا ستيرا، لا يرى من جلده شيء، استحياء منه، فآذاه من آذاه من بني إسرائيل، فقالوا : ما يتستر هذا التستر إلا من عيب بجلده، إما برص، وإما أدرة - انتفاخ الخصية - وإما آفة، وإن الله أراد أن يبرئه مما قالوا لموسى، فخلا يوما وحده، فوضع ثيابه على الحجر، ثم اغتسل، فلما فرغ أقبل على ثيابه ليأخذها، وإن الحجر عدا بثوبه أي هرب بثوبه - فأخذ موسى عصاه وطلب الحجر، فجعل يقول : ثوبى حجر، ثوبي حجر! ! حتى مر على ملأ من بني إسرائيل، فرأوه أحسن ما خلق الله عريانا، وأبراه مما يقولون الحديث
[ وكان عند الله وجيها ] أي وكان موسى ذا وجاهة ورفعة، ومكانة عند ربه، قال ابن كثير : أي له وجاهة وجاه عند ربه، لم يسأل شيئا إلا أعطاه الله إياه
[ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا ] أي راقبوا الله في جميع أقوالكم وأفعالكم، وقولوا قولا مستقيما مرضيا لله، قال الطبري : أي قولا قاصدا غير جائر، حقا غير باطل
[ يصلح لكم أعمالكم ] أي يوفقكم لصالح الأعمال ويتقبلها منكم، قال ابن عباس : يتقبل حسناتكم
[ ويغفر لكم ذنوبكم ] أي يمحو عنكم الذنوب والأوزار
[ ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما ] أي ومن أطاع الله والرسول، فقد نال غاية مطلوبه.. ثم لما أرشدهم إلى مكارم الأخلاق، نبههم على قدر التكاليف الشرعية التي كلف الله بها البشرية، فقال سبحانه :


الصفحة التالية
Icon