[ وتب ] أي وقد هلك وخسر، الأول دعاء والثاني إخبار، كما يقال : أهلكه الله وقد هلك، قال المفسرون : التباب هو الخسار المفضي إلى الهلاك، والمراد من اليد صاحبها، على عادة العرب في التعبير ببعض الشيء عن كله وجميعه، وأبو لهب هو " عبد العزى بن عبد المطلب " عم النبي(ص) وإمرأته العوراء " أم جميل " أخت أبي سفيان، وقد كان كل منهما شديد العداوة للرسول (ص) فلما سمعت إمرأته ما نزل في زوجها وفيها، أتت رسول الله، وهو جالس في المسجد عند الكعبة، ومعه أبو بكر رضي الله عنه، وفي يدها فهر - قطعة - من الحجارة، فلما دنت من الرسول (ص) أخذ الله بصرها عنه، فلم تر إلا أبا بكر، فقالت يا أبا بكر : بلغني أن صاحبك يهجونى، فوالله لو وجدته لضربت بهذا الحجر وجهه، ثم أنشدت تقول : مذمما عصينا. وأمره أبينا. ودينه قلينا " ثم إنصرفت فقال أبو بكر يا رسول الله : أما تراها رأتك ؟ قال : ما رأتني لقد أخذ الله بصرها عني، وكانت قريش يسبون الرسول (ص) يقولون : مذمما بدل " محمد " وكان يقول صلوات الهن عليه : ألا تعجبون كيف صرف الله عني أذى قريش ؟ يسبون ويهجون مذمما وأنا محمد! ؟ قال الخازن : فإن قلت : لم كناه وفي التكنية تشريف وتكرمة ؟ فالجواب من وجوه : أحدها : أنه كان مشتهرا بالكنية دون الإسم، فلو ذكره بإسمه لم يعرف، الثاني : أنه كان إسمه " عبد العزى " فعدل عنه إلى الكنية لما فيه من الشرك - لأن العزى صنم فلم تضف العبودية إلى صنم - الثالث : أنه لما كان من أهل النار، ومآله إلى النار، والنار ذات لهب، وافقت حاله كنيته وكان جديرابأن يذكر بها
[ ما أغنى عنه ماله وما كسب ] أي لم يفده ماله الذي جمعه، ولا جاهه وعزه الذي إكتسبه قال ابن عباس [ وما كسب ] من الأولاد، فإن ولد الرجل من كسبه.. روي أن الرسول (ص)، لما دعا قومه إلي الإيمان، قال أبو لهب : إن كان ما يقول ابن أخي حقا، فإني أفتدي نفسي من العذاب بمالي وولدي فنزلت. قال الألوسي : كان لأبي لهب ثاثة أبناء " عتبة " و " منتب " و " عتيبة " وقد أسلم الأولان يوم الفتح، وشهدا حنينا والطائف، وأما " عتيبة " فلم يسلم، وكانت " أم كلثوم " بنت رسول الله (ص)عنده، وأختها " رقية " عند أخيه عتبة، فلما نزلت السورة قال أبو لهب لهما : رأسي ورأسكما حرام إن لم تطلقا إبنتي محمد، فطلقاهما ولما أراد " عتيبة " بالتصغير الخروج إلى الشام مع أبيه قال : لآتين محمدا وأوذينه، فأتاه فقال يا محمد : إني كافر بالنجم إذا هوى، وبالذي دنا فتدلى، ثم تفل أمام النبي(ص) وطلق إبنته " آم كلثوم " فغضب (ص) ودعا عليه فقال :(اللهم سلط عليه كلبا من كلابك ) فافترسه الأسد، وهلك أبو لهب بعد وقعة بدر بسبع ليالي، بمرض معد! كالطاعون يسمى (العدسة) وبقي ثلاثة أيام حتى أنتن، فلما خافوا العار، حفروا له حفرة ودفعوه إليها بعمود من خشب، حتى وقع فيها ثم قذفوه بالحجارة حتى واروه، فكان الأمر كما أخبر به القران
[ سيصلى نارا ذات لهب ] أي سيدخل نارا حامية، ذات إشتعال وتوقد عظيم، هي نار جهنم
[ وإمرأته حمالة الحطب ] أي وستدخل معه نار جهنم، إمرأته العوراء " أم جميل " التي كانت تمشى بالنميمة بين الناس، وتوقد بينهم نار العداوة والبغضاء، قال أبو السعود : كانت تحمل حزمة من الشوك والحسك، فتنثرها بالليل في طريق النبي (ص) لإيذائه، وقال ابن عباس : كانت تمشي بالنميمة بين الناس لتفسد بينهم
[ في جيدها حبل من مسد ] أي في عنقها حبل من ليف، قد فتل فتلا شديدا، تعذب به يوم القيامة، قال مجاهد : هو طوق من حديد، وقال ابن المسيب : كانت لها قلادة فاخرة من جوهر، فقالت : واللات والعزى لأنفقنها في عداوة محمد، فأعقبها الله منها حبلا في جيدها من مسد النار).) " * "