[ وقدر في السرد ] أي وقدر في نسج الدروع بحيث تتناسب حلقاتها، قال الصاوي : أي اجعل كل حلقة مساوية لأختها ضيقة، لا ينفذ منها السهم لغلظها، ولا تثقل حاملها واجعل الكل بنسبة واحدة،
[ واعملوا صالحا ] أي واعملوا يا آل داود عملا صالحا، ولا تتكلوا على عز أبيكم وجاهه
[ إني بما تعملون بصير ] أي إني مطلع على أعمالكم، مراقب لها وسأجازيكم بها، قال الإمام الفخر : ألان الله لداود الحديد حتى كان في يده كالشمع، وهذا في قدرة الله يسير، فإنه يلين بالنار حتى يصبح كالمداد الذي يكتب به، فأي عاقل يستبعد ذلك على قدرة الله ؟ وهو أول من صنع الدروع حلقا، وكانت قبل ذلك صفائح ثقالا، كما قال تعالى :[ وعلمناه صنعة لبوس لكم لتحصنكم من بأسكم ] ثم ذكر تعالى ما أنعم به على ولده " سليمان " من النبوة والملك والجاه العظيم فقال سبحانه :
[ ولسليمان الريح غدوها شهر ورواحها شهر ] أي وسخرنا لسليمان الريح تسير بأمره، وسيرها من الصباح إلى الظهر، مسيرة شهر للسائر المجد، ومن الظهر إلى الغروب مسيرة شهر، قال المفسرون : سخر الله له الريح تقطع به المسافات الشاسعة في ساعات معدودات، لحمله مع جنده فتنتقل به من بلد إلى بلد، تغدو به مسيرة شهر إلى نصف النهار، وترجع به مسيرة شهر إلى آخر النهار، فتقطع به مسيرة شهرين في نهار واحد
[ وأسلنا له عين القطر ] أي وأذبنا له النحاس، حتى كان يجري كأنه عين ماء متدفقة من الأرض، قال المفسرون : أجرى الله لسليمان النحاس، كما ألان لداود الحديد، آية باهرة، ومعجزة ظاهرة
[ ومن الجن من يعمل بين يديه بإذن ربه ] أي وسخرنا له الجن تعمل بأمره وإرادته ما شاء، مما يعجز عنه البشر، وكل ذلك بأمر الله وتسخيره
[ ومن يزغ منهم عن أمرنا ] أي ومن يعدل منهم عنا أمرناه به، من طاعة سليمان
[ نذقه من عذاب السعير ] أي نذقه النار المستعرة في الآخرة.. ثم أخبر تعالى عما كلف به الجن من الأعمال، فقال سبحانه :
[ يعملون له ما يشاء من محاريب ] أي يعمل هؤلاء الجن لسليمان ما يريد من القصور الشامخة
[ وتماثيل ] أي والتماثيل العجيبة من النحاس والزجاج، قال الحسن : ولم تكن يومئذ محرمة، وقد حرمت في شريعتنا سدا للذريعة، لئلا نعبد من دون الله
[ وجفان كالجواب ] أي وقصاع ضخمة تشبه الأحواض، قال ابن عباس :" وجفان كالجواب " أي كالحياض
[ وقدور راسيات ] أي وقدور كبيرة ثابتات لا تتحرك لكبرها وضخامتها، قال ابن كثير : والقدور الراسيات أي الثابتات في أماكنها لا تتحرك ولا تتحول عن أماكنها لعظمها
[ اعملوا آل داود شكرا ] أي وقلنا لهم : اشكروا يا آل داود ربكم، على هذه النعم الجليلة، فقد خصكم بالفضل العظيم والجاه العريض، واعملوا بطاعة الله شكرا له جل وعلا
[ وقليل من عبادي الشكور ] أي وقليل من العباد من يشكر الله على نعمه، وفيه تنبيه وتحريض على شكر الله.. ثم أخبر تعالى عن كيفية موت سليمان، فقال :
[ فلما قضينا عليه الموت ] أي حكمنا على سليمان بالموت ونزل به الموت
[ ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته ] أي ما دل الجن على موته إلا تلك الحشرة وهي الأرضة - السوسة التي تأكل الخشب - تأكل عصا سليمان
[ فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ] أي فلما سقط سليمان عن عصاه ظهر للجن واتضح لهم أنهم لو كانوا يعرفون الغيب كما زعموا


الصفحة التالية
Icon