[ إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ] أي إن فيما ذكر لعبرا عظيمة، لقوم يتفكرون في قدرة الله وعظمته، فيدركون حكمته العلياء
[ ومن آياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم ] أي ومن آياته العظيمة الدالة على كمال قدرته خلق السموات في ارتفاعها واتساعها، وخلق الأرض في كثافتها وانخفاضها، واختلاف اللغات من عربية وعجمية، وتركية، ورومية، واختلاف الألوان من أبيض وأسود وأحمر، حتى لا يشتبه شخص بشخص، ولا إنسان بإنسان، مع أنهم جميعا من ذرية آدم
[ إن في ذلك لآيات للعالمين ] أي لمن كان من ذوي العلم والفهم والبصيرة
[ ومن آياته منامكم بالليل والنهار ] أي ومن آياته الدالة على كمال قدرته، نومكم في ظلمة الليل، ووقت الظيرة بالنهار راحة لأبدانكم
[ وإبتغاؤكم من فضله ] أي وطلبكم للرزق بالنهار
[ إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون ] أي يسمعون سماع تفهم واستبصار
[ ومن آياته يريكم البرق خوفا وطمعا ] أي ومن آياته العظيمة الدالة على قدرته ووحدانيته، أنه يريكم البرق خوفا من الصواعق، وطمعا في الغيث والمطر، قال قتادة : خوفا للمسافر، وطمعا للمقيم
[ وينزل من السماء ماء فيحيى به الأرض بعد موتها ] أي وينزل المطر من السماء، فينبت به الأرض بعد أن كانت هامدة جامدة، لا نبات فيها ولا زرع
[ إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون ] أي إن في ذلك المذكور، لعبرا وعظات، لقوم يتدبرون بعقولهم ألاء الله
[ ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره ] أي ومن آياته الباهرة الدالة على عظمته، أن تستمسك السموات بقدرته بلا عمد، وأن تثبت الأرض بتدبيره وحكمته، فلا تنكفىء بسكانها، ولا تنقلب بأهلها
[ ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون ] أي ثم إذا دعيهتم إلى الخروج من القبور، إذا أنتم فورا تخرجون للجزاء والحساب، لا يتأخر خروجكم طرفة عين، قال المفسرون : وذلك حين ينفخ إسرافيل في الصور النفخة الثانية، ويقول : يا أهل القبور قوموا، فلا تبقى نسمة من الأولين والآخرين، إلا قامت تنظر
[ وله من في السموات والأرض ] أي وله جل وعلا كل من في السموات والأرض، من الملائكة والإنس والجن، ملكا وخلقا وتصرفا، لا يشاركه فيها أحد
[ كل له قانتون ] أي جميعهم خاشعون خاضعون منقادون لأمره تعالى
[ وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده ] أي وهو تعالى ينشىء الخلق من العدم، ثم يعيدهم بعد موتهم للحساب والجزاء
[ وهو أهون عليه ] أي إعادة الخلق أهون عليه من بدئه، قال ابن عباس : يعني أيسر عليه، وقال مجاهد : الإعادة أهون عليه من البداءة، والبداءة عليه هينة قال المفسرون : خاطب تعالى العباد بما يعقلون، فإذا كانت الإعادة أسهل من الابتداء، في تقديركم وحكمكم، فإن من قدر على الإنشاء، كان البعث أهون عليه، حسب منطقكم وأصولكم (( هذا قول ذهب إليه فريق، فيكون أفعل التفضيل ﴿أهون ﴾ بالنسبة لمفاهيم البشر، وذهب بعض المفسرين إلى أن أفعل التفضيل ليس على بابه فيكون معنى ﴿أهون ﴾ أي وهو هين عليه ))
[ وله المثل الأعلى ] أي له الوصف الأعلى الذي ليس لغيره ما يدانيه فيه، من الجلال والكمال، والعظمة والسلطان
[ فى السموات والأرض ] أي يصفه به من فيهما، وهو أنه تعالى ليس كمثله شيء
[ وهو العزيز الحكيم ] أي القاهر لكل شيء، الحكيم الذي كل أفعاله على مقتض الحكمة والمصلحة.. ثم وضح تعالى بطلان عبادتهم للأوثان بمثل، فقال سبحانه :
[ ضرب لكم مثلا من أنفسكم ] أي ضرب لكم أيها القوم ربكم، مثلا واقعيا من أنفسكم