[ لهم مغفرة وأجر كبير ] أي لهم عند ربهم مغفرة لذنوبهم، وأجر كبير وهو الجنة، وإنما قرن الإيمان بالعمل الصالح، ليشير إلى أنهما لا يفترقان، فالإيمان تصديق، وقول، وعمل
[ أفمن زين له سوء عمله فرءاه حسنا ] الاستفهام للإنكار وجوابه محذوف والتقدير : أفمن زين له الشيطان عمله السيىء حتى رأه حسنا، واستحسن ما هو عليه من الكفر والضلال، كمن استقبحه واجتبه، واختار طريق الإيمان ؟ ودل على هذا الحذف قوله تعالى :
[ فإن الله يضل من يشاء ويهدى من يشاء ] أي الكل بمشيئة الله، فهو تعالى الذي يصرف من يشاء عن طريق الهدى، ويهدي من يشاء بتوفيقه للعمل الصالح والإيمان
[ فلا تذهب نفسك عليهم حسرات ] أي فلا تغتم يا محمد ولا تهلك نفسك حسرة على تركهم الإيمان
[ إن الله عليم بما يصنعون ] أي هو جل وعلا العالم بما يصنع هؤلاء من القبائح ومجازيهم عليها، وفيه وعيد لهم بالعقاب على سوء صنيعهم
[ والله الذي أرسل الرياح ] أي والله تعالى بقدرته هو الذي أرسل الرياح مبشرة بنزول المطر
[ فتثير سحابا ] أي فحركت السحاب وأهاجته، والتعبير بالمضارع عن الماضي [ فتثير ] لاستحضار تلك الصورة البديعة، الدالة على كمال القدرة والحكمة
[ فسقناه إلى بلد ميت ] أي فسقنا السحاب الذي يحمل الغيث، إلى بلد مجدب قاحل
[ فأحيينا به الأرض بعد موتها ] فيه حذف تقديره فأنزلنا به الماء فأحيينا به الأرض بعد جدبها ويبسها
[ كذلك النشور ] أي كما أحيا الله الأرض الميتة بالماء، كذلك يحي الموتى من قبورهم، روى الإمام أحمد عن أبي رزين العقيلي قال : قلت يا رسول الله : كيف يحي الله الموتى ؟ وما آية ذلك في خلقه ؟ فقال :" أما مررت بوادي أهلك ممحلا، ثم مررت به يهتز خضرا ؟ قلت : نعم يا رسول الله، قال : فكذلك يحي الله الموتى، وتلك آيته في خلقه لما قال ابن كثير : كثيرا ما يستدل تعالى على المعاد، بإحيائه الأرض بعد موتها، فإن الأرض تكون ميتة، هامدة لا نبات فيها، فإذا أرسل الله إليها السحاب تحمل الماء وأنزله عليها [ آهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج ] كذلك الأجساد إذا أراد الله بعثها ونشورها.. ثم نبه تعالى عباده إلى السبيل الذي تنال به العزة، فقال سبحانه :
[ من كان يريد العزة فلله العزة جميعا ] أي من كان يطلب العزة الكاملة، والسعادة الشاملة، فليطلبها من الله تعالى وحده، فإن العزة كلها لله جل وعلا، قال بعض الصالحين : من أراد عز الدارين فيطع العزيز
[ إليه يصعد الكلم الطيب ] أي إليه جل وعلا يرتفع كل كلام طيب، من ذكر، ودعاء، وتلاوة قرآن، وتسبيح وتمجيد ونحوه، قال الطبري : إلى الله يصعد ذكر العبد إياه وثناؤه عليه
[ والعمل الصالح يرفعه ] أي والعمل الصالح يتقبله الله تعالى ويثيب صاحبه عليه، قال قتادة : لا يقبل الله قولا إلا بعمل، من قال وأحسن العمل، قبله الله منه، وأحسن جزاءه
[ والذين يمكرون السيئات لهم عذاب شديد ] هذا بيان للكلم الخبيث، بعد بيان حال الكلام الطيب، أي والذين يحتالون بالمكر والخديعة لإطفاء نور الله، والكيد للإسلام والمسلمين، لهم في الآخرة عذاب شديد، في نار جهنم
[ ومكر أولئك هو يبور ] أي ومكر أولئك المجرمين هالك وباطل، لأنه ما أسر أحد سوء ودبره، إلا أبداه الله وأظهره، كما قال تعالى [ ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله ] قال المفسرون : والإشارة هنا إلى مكر قريش برسول الله (ص) حين اجتمعوا في " دار الندوة " وأرادوا أن يقتلوه، أو يحبسوه، أو يخرجوه، كما حكى القرآن الكريم ذلك عنهم بقوله تعالى [ وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ] ثم ذكرهم تعالى بدلائل التوحيد والبعث، بعد أن ذكرهم بآيات قدرته وعزته، فقال سبحانه :


الصفحة التالية
Icon