[ إنه غفور شكور ] أي مبالغ في الغفران لأهل القرآن، شاكر لطاعتهم، قال ابن كثير : كان مطرف إذا قرأ هذه الآية قال : هذه آية القراء
[ والذي أوحينا إليك من الكتاب هو الحق ] أي والذي أوحيناه إليك يا محمد من الكتاب المنزل - القرآن العظيم - هو الحق الذي لا شك فيه، ولا ريب في صدقه
[ مصدقا لما بين يديه ] أي حال كونه مصدقا لما سبقه من الكتب الإلهية المنزلة، كالتوراة والإنجيل والزبور، قال أبو حيان : وفي الآية إشارة إلى كونه وحيا، لأنه عليه السلام لم يكن قارئا ولا كاتبا، وآتى ببيان ما في كتب الله، ولا يكون ذلك إلا من الله
[ إن الله بعباده لخبير بصير ] أي هو جل وعلا خبير بعباده، محيط ببواطن أمورهم وظواهرها، بصير بهم لا تخفى عليه خافية من شئونهم.
البلاغة :
تضمنت الآيات الكريمة وجوها من البيان والبديع نوجزها فيما يلي :
١ - الطباق بين [ يذهب.. ويأت ] وبين [ الأعمى.. والبصير ] و[ الظلمات... والنور ] و[ الظل.. والحرور ] و[ الأحياء.. والأموات ] وبين [ نذيرا.. وبشيرا ] وبين [ سرا.. وعلانية ].
٢ - جناس الاشتقاق [ ولا تزر وازرة ] [ حملها لا يحمل منه شىء ].
٣ - الاستعارة التصريحية [ وما يستوي الأعمى والبصير.. ] الآية شبه الكافر بالأعمى، والمؤمن بالبصير، بجامع ظلام الطريق وعدم الاهتداء على الكافر، ووضوح الرؤية والاهتداء للمؤمن، ثم استعار المشبه به [ الأعمى ] للكافر، واستعار [ البصير ] للمؤمن بطريق الاستعارة التصريحية.
٤ - الالتفات من الغيبة إلى التكلم [ أنزل من السماء ماء فأخرجنا ] بدل فأخرج لما في ذلك من الفخامة، ولبيان كمال العناية بالفعل، لما فيه من الصنع البديع، المنبىء عن كمال قدرة الله وحكمته.
٥ - قصر صفة على موصوف [ إنما يخشى الله من عباده العلماء ] فقد قصر الخشية على العلماء، تنويها بشأنهم، وإعلاء لقدرهم.
٦ - الاستفهام التقريري وفيه معنى التعجب [ ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء ] الآية.
٧ - الاستعارة [ يرجون تجارة لن تبور ] استعار التجارة للمعاملة مع الله تعالى لنيل ثوابه، وشبهها بالتجارة الدنيوية وهي معاملة الخلق بالبيع والشراء لنيل الربح ثم رشحها بقوله :[ لن تبور ].
٨ - توافق الفواصل مما يزيد في جمال الكلام ورونقه ووقعه في النفس مثل [ يرجون تجارة لن تبور ] [ إنه غفور شكور ] ومثل [ وبالكتاب المنير ] [ فكيف كان نكير ] وهكذا.
قال الله تعالى :[ ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا.. ] إلى قوله [ فإن الله كان بعباده بصيرا ] من آية ( ٣٢) إلى آية (٤٥ ) نهاية السورة الكريمة.
المناسبة :
لما أثنى تعالى على الذين يتلون كتاب الله، ذكر هنا انقسام الأمة الإسلامية أمام هذا الكنز الثمين، إلى ثلاثة أقسام :(الظالم لنفسه ) و(المتقصد) و(السابق بالخيرات )، ثم ذكر مآل الأبرار والفجار، ليظل العبد بين الخوف والرجاء، والرغبة والرهبة.
اللغة :
[ نصب ] تعب ومشقة جسمانية
[ لغوب ] اللغوب : الإعياء والضعف والفتور ومنه
[ وما مسنا من لغوب ]
[ يصطرخون ] من الصراخ وهو الصياح بصوت عال، والصارخ : المستغيث، والمصرخ : المغيث، قال سلامة بن جندب : كنا إذا ما أتانا صارخ فزع كان الصراخ له قرع الظنابيب
[ النذير ] المنذر الذي يخوف الناس من عذاب الله
[ خلائف ] جمع خليفة وهو الذي يخلف غيره في أمر من الأمور
[ مقتا ] المقت : أشد البغض والغضب
[ خسارا ] هلاكا وضلالا
[ يحيق ] حاق به الشيء : نزل وأحاط.
التفسير :


الصفحة التالية
Icon