[ بلى وهو الخلاق العليم ] أي بلى هو القادر على ذلك، فهو الخلاق المبدع في الخلق والتكوين، العليم بكل شيء
[ إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون ] أي لا يصعب عليه جل وعلا شيء لأن أمره بين الكاف والنون، فمتى أراد تعالى شيئا وجد، بدون تعب ولا جهد، ولا كلفة ولا عناء
[ فسبحان الذي بيده ملكوت كل شىء ] أي تنزه الله وتمجد عن صفات العجز والنقص، الإله العظيم الجليل، الذي بيده الملك الواسع، والقدرة التامة على كل الأشياء
[ وإليه ترجعون ] أي وإليه وحده مرجع الخلائق للحساب والجزاء.. ختم تعالى السورة الكريمة بهذا الختم الرائع، الدال على كمال القدرة، وعظمة الملك والسلطان، الذي تفرد به خالق الأكوان جل وعلا.
البلاغة :
تضمنت الآيات الكريمة وجوها من البيان والبديع نوجزها فيما يلي :
١ - طباق السلب [ أن لا تعبدوا الشيطان.. وأن اعبدوني ] فالأول سلب، والآخر إيجاب
٢- الإستفهام الإنكاري للتوبيخ والتقريع [ أفلم تكونوا تعقلون ] ؟ [ أفلا يشكرون ] ؟
٣-الطباق بين [ مضيا.. ويرجعون ] وبين [ يسرون.. ويعلنون ] وهو من المحسنات البديعية.
٤- التشبيه البليغ [ وهم لهم جند محضرون ] أي كالجند في الخدمة والدفاع، حذفت أداة التشبيه ووجه الشبه فأصبح بليغا.
٥- ذكر العام بعد الخاص [ ولهم فيها منافع ومشارب ] بعد قوله [ فمنها ركوبهم ] الآية وفائدته تفخيم النعمة، وتعظيم المنة.
٦- المقابلة [ ليندر من كان حيا ] الآية قابل بين الإنذار والإعذار، وبين المؤمنين والكفار [ ويحق القول على الكافرين ] وهو من ألطف التعبير.
٧- الإستعارة التمثيلية [ مما عملت أيدينا أنعاما ] الأنعام تخلق ولا تعمل، ولكنه تعالى شبه اختصاصه بالخلق والتكوين، بمن يعمل أمرا بيديه ويصنعه بنفسه، واستعار لفظ العمل للخلق، بطريق الإستعارة التمثيلية.
٨- صيغة المبالغة [ خصيم مبين ].. [ الخلاق العليم ].
٩- الإستعارة التمثيلية [ أن يقول له كن فيكون ] شبه سرعة تأثير قدرته تعالى ونفاذها في الأشياء بأمر المطاع من غير توقف ولا إمتناع، فإذا أراد شيئا وجد من غير إبطاء ولا تأخير، وهو من لطائف الإستعارة.
فائدة :
الملكوت صيغة مبالغة من الملك، ومعناه الملك الواسع التام مثل الجبروت والرحموت للمبالغة.
تنبيه :
قال العلامة ابن كثير : ما ثبت عنه (ص) أنه تمثل يوم الخندق بأبيات ابن رواحة " اللهم لولا أنت ما اهتدينا " وما ثبت أنه قال يوم حنين وهو راكب على بغلته " أنا النبي لا كذب : أنا ابن عبد المطلب " وقوله " هل أنت إلا أصبع دميت : وفي سبيل الله ما لقيت " الخ إنما وقع اتفاقا من غير قصد إلى قول الشعر، بل جرى هذا على لسانه (ص) عفوا، وكل هذا لا ينافي قوله تعالى [ وما علمناه الشعر وما ينبغي له ] فتدبره فإنه نفيس.


الصفحة التالية
Icon