حقيقة أمرهم في ذلك الوقت تزداد يقينا. ويجوز أن تكون بصرية ومفعولها محذوف، أي : لو ترى أحوالهم وتعاينها عن كثب. وإذ ظرف لما مضى من الزمن متعلق بتري، وجملة وقفوا في محل جر بالإضافة، والواو نائب فاعل، وعلى النار جار ومجرور متعلقان بوقفوا (فَقالُوا : يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) الفاء حرف عطف، وقالوا عطف على وقفوا، ويا حرف نداء، والمنادى محذوف، أو هي لمجرد التنبيه، وليت واسمها، وجملة نرد خبرها، والواو للمعية، ولا نافية، ونكذب فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد واو المعية، وأن وما بعدها في تأويل مصدر معطوف على مصدر متوهم، والتقدير : يا ليتنا لنا رد وانتفاء تكذيب والكون من المؤمنين، وجملة التمني في محل نصب مقول القول، ولأبي جعفر الطبري كلام مطوّل حول قراءة « و لا نكذب » بالرفع، وانتهى الى ترجيحها على قراءة النصب، وهو مجرّد تعسف. والواو حرف عطف، ونكون عطف على نكذب، واسم نكون مستتر تقديره نحن، ومن المؤمنين خبرها.
البلاغة :
في هذه الآية فنان جميلان :
١- الجناس بين ينهون وينأون، وهو جناس التصريف الذي هو اختلاف صيغة الكلمتين بإبدال حرف من حرف أو من قريب من مخرجه، سواء أكان الإبدال في الأول أم في الوسط أم في الآخر، ومن طربف هذا التجنيس في الشعر قول البحتري :
إعراب القرآن وبيانه، ج ٣، ص : ٩١
عجب الناس لاغترابي وفي الأطراف تلقى منازل الأشراف
و قعودي عن التقلب والأر ض لمثلي رحيبة الأكناف
ليس عن ثروة بلغت مداها غير أني امرؤ كفاني كفافي
و جميل قول أبي فراس الحمدانيّ :
تعس الحريص وقل ما يأتي به عوضا عن الإلحاح والإلحاف
إن الغنيّ هو الغنيّ بنفسه ولو انه عاري المناكب حافي
ما كلّ ما فوق البسيطة كافيا وإذا قنعت فكلّ شي ء كاف
و بلغ الشريف الرضيّ الغاية منه حيث قال :